بقلم : عمرو الشوبكي
لم تكن الضربة الإسرائيلية لإيران مثل سابقتها لأنها لم تكن مجرد ضربة عسكرية إنما اختراق استخباراتى كبير راح ضحيته رئيس الأركان وقائد الحرس الثورى وعشرات العلماء وحسم التفوق التكنولوجى والاستخباراتى لصالح دولة الاحتلال.
صحيح أن إيران ردت بقوة وأطلقت عشرات الصواريخ البالستية التى أصاب بعضها أهدافها ودمرت العديد من المبانى وسقط ٣ قتلى وعشرات المصابين.
وقد كشفت هذه المواجهة عن فارق كبير فى القوة بين الجانبين فرغم أن إيران تمتلك منظومة علمية وعسكرية قوية، كما أنها تمتلك نظاما سياسيا لديه حد أدنى من الكفاءة إلا أن الدعم الأمريكى والغربى لإسرائيل جعل تفوق الأخيرة واضحًا على الأقل فى الضربة الأولى التى كشفت عن اختراق داخلى كبير.
إن نجاح الموساد فى نقل وحدة إطلاق مسيرات وصواريخ داخل الأراضى الإيرانية واستهدافه قادة ومواقع حيوية عد خرقا كبيرا، خاصة أنه سبق وشاهده العالم حين استهدف إسماعيل هنية فى غرفه نومه فى قلب طهران وكان مؤشرًا على عمق التغلغل الإسرائيلى.
المواجهة الحالية جعلت إيران وجها لوجه أمام إسرائيل وجاء ردها بالأصالة وليس بالوكالة، ونقل المواجهة مع إسرائيل من مرحلة الصبر الاستراتيجى إلى مرحلة «حروب الردع» حتى وصلت حاليًا إلى مرحلة المواجهة الشاملة التى كانت تتجنبها ايران وإسرائيل حتى قررت الأخيرة بالاتفاق مع أمريكا القضاء على المشروع النووى الإيرانى.
يقينا إيران تمتلك أوراق قوة وظلت دولة ممانعة مختلفة عن تجارب نظم عربية ممانعة اكتفت بالهتاف والشعارات دون القدرة على الردع أو الدفاع حتى النفس، فهى ليست بضعف وفشل نظام بشار الأسد الذى دعمته كما أن أذرعها
تدخلت فى أكثر من بلد عربى بشكل سلبى وساهمت فى إضعاف هذه البلدان من أجل تعزيز النفوذ الإيرانى إقليميًا ودوليًا، لكنها فى نفس الوقت دولة علم تدافع عن مصالحها بشراسة، حتى لو كان على حساب غيرها.
ومع ذلك ظل النظام الإيرانى بلا تجديد داخلى وواجه المعارضة والتحديات الداخلية بالقمع تارة وبالتسكين تارة أخرى مما جعل هناك انقسامًا شديدًا حوله خاصة بين الشباب.
مشكلة إيران أنها تمسكت بأدوات وأذرع فى المنطقة عمرها الافتراضى انتهى، وخسرت جانبًا كبيرًا من البيئة الشعبية الحاضنة، فمعظم اللبنانيين لم يكونوا مع سلاح حزب الله، كما حمل السوريون مرارات كثيرة نتيجة الجرائم التى ارتكبتها إيران وحلفاؤها أثناء وجودهم فى سوريا ودعمهم لنظام بشار الأسد، كل ذلك سهل من استهداف أذرعها وحلفائها.
إذا نجت إيران من العدوان الإسرائيلى فإن أمامها فرصة لكى تصبح دولة طبيعية تواجه الاحتلال الإسرائيلى بأدوات جديدة وعبر التوافق مع شعوب المنطقة ودون تدخلات خشنة وتقدم نموذجا سياسيا لا يفرض على أحد عبر أذرع.
حفظ الله الشعب الإيرانى الذى هو جزء أصيل وليس دخيلًا على منطقتنا.