بقلم:عمرو الشوبكي
قال ترامب، فى الأسابيع الأولى من بدء ولايته، إنه سينهى الحرب الروسية الأوكرانية وسيجلب السلام بين البلدين، ولكنه فشل وبقى كلامه مجرد حديث إعلامى، كما قال إنه سينهى حرب غزة ولو بتهجير مؤقت للفلسطينيين وفشل، صحيح إنه توسط فى الحرب الباكستانية الهندية وتوقفت، ولكنه توسط فى حرب بين بلدين اعتادا أن يتحاربا لأيام وليس لأشهر.
وقال أخيرًا إنه يرغب فى أن تنتهى الحرب بين إسرائيل وإيران، ولكنه هذه المرة لم يقترح خطة سلام ولا مسار حل.
تدخلات ترامب مشكلتها أن كل الأطراف لا تعتبره وسيطًا نزيهًا، كما أنك لا تعرف من هم حلفاؤه ومن هم خصومه إلا فى حالة إسرائيل، فالرجل هاجم بقسوة فى البيت الأبيض رئيس أوكرانيا الحليفة، ودافع عن بوتين حتى تصورنا أن روسيا دولة «شقيقة» لأمريكا، وأن أوكرانيا هى العدوة.
كما أن ترامب لا يعترف بأى حليف (إلا إسرائيل بالطبع)، لا يدفع مالًا أو يشاركه صفقاته، والحرب الروسية الأوكرانية صمت عن التدخل فيها بعد أن وقّع اتفاقًا للمعادن مع أوكرانيا ليسترد به جانبًا من المساعدات التى قدمتها أمريكا لأوكرانيا، أما مفاوضات السلام بين البلدين فمازالت متعثرة، لأن الرجل راهن على الشعار البراق بوقف الحرب دون أن يدخل فى التفاصيل والتعقيدات التى تكتنف العلاقة بين البلدين لصالح اللقطة والشعار البراق.
أما مع أوروبا، فقد أعاد الرجل تعريف معنى التحالف والقيم الغربية بعد أن فرض تعريفة جمركية على السلع الأوروبية والكندية والمكسيكية، وهى دول يفترض حليفة، مثلما فعل تماما مع المنافسين والخصوم كالصين.
ستبقى أمام الدول القوية اقتصاديًا فى أوروبا أو أى مكان فى العالم فرص أكبر لمواجهة تقلبات ترامب والدخول معه فى شراكات اقتصادية تحقق فوائد مشتركة للجميع، أما تدخلاته فإنها أثبتت أنها كلام مرسل وأمنيات طيبة أكثر منها خططًا وبرامج عمل تعتمد على تقديرات علمية.
من هنا، فإن ترامب لن يتدخل فى الوقت الحالى فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية؛ لأنه يعتقد أن إسرائيل ستنتصر فيها بدعم وليس تدخلًا أمريكيًا، وأنها ستنجح فى إنهاء القدرات النووية الإيرانية وتقضى على إمكانية تخصيب اليورانيوم حتى تعود خانعة للمفاوضات، ويقوم بصفقة مع إيران المهزومة أو المنكسرة.
إن حسابات تدخلات ترامب فى هذه الحرب والصفقات التى يرغب فى إبرامها بعد انتهائها قامت على فرضية انتصار إسرائيل، ولكن ماذا لو صمدت إيران وامتدت الحرب لأسابيع قليلة (كما يتوقع الأوروبيين)؟. هنا سيكون تدخل ترامب لوضع كلمة النهاية على صراعٍ الغرض منه إضعاف النظام وإنهاء مشروعه النووى وليس إسقاطه، ولن يلعب ترامب دورًا محوريًا فى إنهاء الحرب، إنما سيستمر فى دعم حليفه الاستثنائى، أى دولة الاحتلال، حتى تنهى مهمتها فى إيران.. ولكنه ليس مؤكدًا أنها ستنجح.