تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل

تركيا والأكراد... تجربة في تصدير الفشل

تركيا والأكراد... تجربة في تصدير الفشل

 العرب اليوم -

تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل

تركيا والأكراد... تجربة في تصدير الفشل
عريب الرنتاوي

خلال «عشرية الازدهار» الأولى لحكم «العدالة والتنمية» بدا أن تركيا تتجه لمعالجات مختلفة لـ «المسألة الكردية»، فتحت قنوات الحوار المباشر بين الحكومة والسجين الأشهر في جزيرة «إيمرلي»، عبد الله أوجلان، وجرى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، انسحبت بموجبه قوات الـ «PKK» إلى جبال قنديل، وتم الاعتراف للأكراد بحقهم في استخدام لغتهم الأصلية والتداول بها، توطئة لحل نهائي لهذه المسألة، التي أودت بحياة عشرات ألوف الكرد والترك، من مدنيين وعسكريين، وألحقت خسائر جسيمة باقتصاد البلاد، وظلت تلقي بظلالها الكئيبة والكثيفة على مسار التحول الديمقراطي في تركيا. جاء ذلك متزامناً، مع طفرة اقتصادية وصفت بـ»المعجزة»، وتقدم في مسار تخفيف قبضة «العسكر» على الحياة السياسية والمدنية في البلاد، وانفتاح غير مسبوق في السياسة الخارجية، جرى تحت مظلة النظرية الأشهر: «صفر مشاكل»، وإلى الحد الذي بدا معه، أن «القوة الناعمة» و»قوة النموذج»، قد نجحا في تحويل تركيا إلى محج لمن يبحث عن الكيفية التي عالج بها الحزب الحاكم، ثنائيات العلاقة بين «الدين والدولة» و»الإسلام والعلمانية» و»الإسلام والديمقراطية». لكن مياهاً غزيرة جرت في أنهار تركيا وتحت جسورها، مع اندلاع ثورات الربيع العربي، عندما تفجرت الأحلام السلطانية المكبوتة، بتوسيع دور تركيا القيادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من بوابة التحالف مع الحركات الإسلامية على اختلافها، وبخاصة الإخوان المسلمين، وعندما تفشت «المذهبية» في خطاب الحكومة والدولة، وعندما انقلبت «القوة الناعمة» إلى «قوة خشنة»، تتدخل في نزاعات المنطقة وشؤونها الداخلية، بطريقة استفزازية، تدعو لإسقاط هذا النظام وتجرم ذاك، بل ولا تتورع عن دعم جماعات إرهابية متطرفة، وفي مقدمتها «داعش» بالمال وتجارة النفط والآثار وسرقة المصانع السورية، وغيره كثير من المجاميع والجماعات الأصولية المتشددة في شمال سوريا... وبصورة ستنقلب معها نظرية «صفر مشاكل» إلى نقيضها، وتصبح مادة للتندر والفكاهة: «صفر أصدقاء». ولأن السياسة الخارجية هي امتداد للسياسة الداخلية، لأنها تصدر عن «الفئة الحاكمة ذاتها»، فقد كان طبيعياً أن «يًترجم» الفشل في حقل السياسة الخارجية، إلى فشل مماثل في السياسة الداخلية، حيث بدأت تركيا تستقبل تداعيات «عدم الاستقرار» في المنطقة، وتحديداً في سوريا، وأخذ الخطاب المذهبي الذي أُريد به، حشد التأييد للحزب الحاكم في الخارج، يتحول إلى معول لتهديم النسيج الاجتماعي في الداخل، وبما سيفضي إلى نشؤ «مسألة علوية» إلى جانب «المسألة الكردية»، التي ارتدّت إلى «المربع الأول»، مربع الحرب و»الحسم العسكري» والمعارك المفتوحة في جنوب شرق البلاد. وبدل أن تسهم تركيا في تصدير تجربة «النجاح النسبي» في التعامل مع أكراد تركيا في «عقد الازدهار»، رأينا أنقرة تتحرك بقوة وفاعلية، لتصدير تجربة «الفشل المؤكد» في التعامل مع هذه المسألة الكردية، كما تجلى في السنة الأخيرة على وجه الخصوص ... هنا، وهنا بالذات، يأتي «التشدد» التركي، البالغ حد التعنت والتلويح بالحرب، في التعامل مع «المسألة الكردية في سوريا»... تركيا لم تدرج أكرادها، أو قواهم الرئيسة على لائحة الإرهاب فحسب، بل وسعت دائرة الحظر و»الشيطنة» لتشمل أكراد سوريا، أو قواهم الرئيسة على أقل تقدير. تركيا لم تكتف بموقف المتفرج على «مذبحة كوباني» فحسب، بل عملت ما بوسعها لإطالة أمد إقامة «داعش» في «عين العرب»، ووضعت العراقيل أمام الدعم الخارجي لأكراد سوريا، ولاحقاً رسمت خطوط حمراء أمام تقدم وحدات الحماية الشعبية و»قوات سوريا الديمقراطية» غرب الفرات، وهي لم تترك وسيلة دون أن تلجأ إليها لفرض جيب أمني يربط ما بين بلدتي اعزاز وجرابلس شمال سوريا، لمنع خلق «جيب كردي» متواصل في شمال سوريا. وحين لاحت الفرصة، للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، مع بدء التحضير الجدي لمسار «جنيف 3»، في أعقاب مؤتمر فيينا ونيويورك وقرار مجلس الأمن 2254، توعدت تركيا بمقاطعة المؤتمر إن دُعيَ الأكراد إليه، بل وأوعزت لحلفائها من بين المعارضات السورية، لإبداء تشدد واضح إن لجهة هوية وفد المعارضة إلى جنيف، أو لجهة جدول أعمال المؤتمر وهوية المشاركين فيه من خارج «مؤتمر الرياض» ... مرة أخرى، تُظهر السياسة التركية في سوريا، انقلاب المشهد رأساً على عقب، حين ترجح أنقرة كفّة «القوة الخشنة» على «القوة الناعمة»، وتتحول من نموذج «جاذب» لحل المشكلات في السياستين الداخلية والخارجية، إلى «نموذج طارد» وجزء من هذه المشكلات، لا من الحلول المرجوّة لها ... مرة أخرى، تقدم تركيا على تصدير «تجربة الفشل» في معالجة مشكلاتها الداخلية، بعد أن كانت موضع دراسة وتأمل لقصص النجاح في التعامل مع هذه المشكلات، ودائماً بفعل أطماع الإسلام السياسي الحاكم وتطلعاته «الفوق قومية» في الخارج، وإصراره على نهج «التمكين» في الداخل. لكن ما لا تريد أنقرة أن تعترف به، وبمسؤوليتها عنه، أن السنوات الخمس التي أعقبت «عشرية الازدهار»، تكاد تأتي على منجزات «عقد المعجزة»، فوضع أنقرة على الساحة لا يختلف عن وضعية أية دولة «راعية للإرهاب»، وهي تتلقى النقد على ما تقوم (وما لا تقوم) من سياسات وإجراءات من حلفائها قبل خصومها، وأكثر منهم... وسجلها الداخلي في مجال الحريات وحقوق الإنسان في تراجع مضطرد، ويكفي أنها الدولة التي حازت على لقب «أكبر سجن للصحفيين في العالم» ... تركيا اليوم، باتت مادة للتكهنات والتنبؤات المتشائمة، سواء تلك المتعلقة بوحدتها وتماسك نسيجها الاجتماعي، أو بمستقبل مسارها الديمقراطي، أو حتى بـ «معجزتها الاقتصادية»، دع عنك تهديد الإرهاب، الذي لن يخرج أنقرة من دائرة استهدافاته، على الرغم من الخدمات الجليلة التي تلقاها عبر حدود تركيا الطويلة مع سوريا، طوال سنوات خمس عجاف

arabstoday

GMT 06:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

GMT 06:11 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نجوى فؤاد وحديث الشيخ الشعراوى!!

GMT 06:09 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

العكس هو الصحيح

GMT 06:07 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

ليست «أوبر» وحدها

GMT 06:05 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نظريات ومراهم للتسلخات!

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

أول من استعاد الأرض

GMT 00:43 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

هواء نقيٌّ بين النجف والرياض

GMT 00:14 2024 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

غزة بين بصمات أميركا وإيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل



الأميرة رجوة تتألق بفستان أحمر في أول صورة رسمية لحملها

عمان ـ العرب اليوم

GMT 18:07 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

الدول العربية وسطاء أم شركاء؟

GMT 12:00 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

رحيل الممثلة الروسية أناستاسيا زافوروتنيوك

GMT 07:13 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب غربي الصين

GMT 00:52 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

إنقاذ غزة مهمةٌ تاريخيةٌ

GMT 00:59 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

كأنّ العراق يتأسّس من صفر ولا يتأسّس

GMT 00:10 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

الفيضانات تجتاح جنوب ألمانيا

GMT 08:09 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

افتتاح أول خط طيران عراقي سعودي مباشر

GMT 08:21 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab