بقلم : أسامة غريب
مع فجر الثالث عشر من يونيو الحالى تعرضت إيران إلى هجوم كاسح من الطائرات الإسرائيلية. كانت الضربات متتالية والخسائر البشرية والمادية غير مسبوقة. نجوم الصف الأول من القادة العسكريين تم قتلهم، والمواقع النووية تم استهدافها من خلال موجات متتابعة من الغارات. بدا للعالم كله أن إيران تواجه ما واجهه العرب يوم ٥ يونيو ١٩٦٧، ومما عزز هذا الظن الخطاب المتغطرس لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو الذى تبجح فيه مزهوا بالنتائج التى حققها جيشه لدرجة أنه دعا الشعب الإيرانى للثورة على حكومته وإسقاطها. لم يتأخر ترامب أيضا عن الظهور الإعلامى وقال إنه حذر إيران مرارا مما ستلاقيه فلم تمتثل، ولم ينس أن يبث رسالة شماتة عندما قال: كان هناك قادة وددنا أن نحادثهم لكن هذا لم يعد ممكنا لأنهم جميعا ماتوا!.
مضت ساعات طويلة عربدت أثناءها إسرائيل فى السموات الإيرانية دون رد، لكن فجأة فى المساء بدأت إيران عملية الوعد الصادق ٣.. تلك العملية التى نرى أنها تأخرت شهورا طويلة عن موعدها المفترض. كان يجب أن تبدأ يوم قتلت إسرائيل إسماعيل هنية داخل مقر إقامته بطهران، لكن إيران تذرعت وقتها بالصبر ولم ترد، ثم جاء مقتل السيد حسن نصر الله وأصحابه، ومرة أخرى تسكت إيران، ثم تدخل فى مفاوضات مع الأمريكان بأمل رفع العقوبات دون أن ترى أن قرار ضربها وتدمير مقدراتها قد اتخذ، وأن المفاوضات هى إلهاء وسحابة تعمية وجزء من عملية خداع ضدها.
الآن يبدو أن إيران تعلمت الدرس بعد أن تعمّدت بالنار وفهمت أن ترسانة الصواريخ التى تمتلكها لا يوجد فيما يخصها سوى احتمالين: الأول أن تتخلص منها بإطلاقها على العدو ومطاراته وموانيه ومنشآته ومقراته الصناعية والعسكرية ومراكز أبحاثه ومخازن صواريخه ومرابض طائراته، أما الاحتمال الثانى فهو أن يقوم العدو القوى القادر بتدميرها على الأرض، وهو ما حدث للكثير من صواريخ حزب الله التى انفجرت فى لبنان بدلا من أن تنفجر فى إسرائيل!.
ولقد لاحظنا من الدمار الهائل فى تل أبيب أن إيران تمتلك صواريخ ذات قوة تدميرية كبيرة ولولا التعتيم الإعلامى الصهيونى لرأى الناس هول ما حدث لإسرائيل من موجات صاروخية للحرس الثورى الإيرانى. وفى هذا الصدد نشير إلى أن إسرائيل تعتمد على الصورة فى تسويق نجاحاتها فتضخم من أثر هجماتها وتنفى أن يكون لهجمات أعدائها أى أثر، وهى تفعل ذلك من خلال منع تصوير ونشر ما يصيبها من دمار لأنها تعلم أن الجمهور الإسرائيلى نفسه لن يظل فى إسرائيل إذا علم أنها لم تعد آمنة، ولدى كل مستوطن هناك أكثر من جنسية. لهذا السبب لا بد أن يواكب الجهد التدميرى لمقدرات العدو جهد إعلامى احترافى يكشف ما حدث، وألا يتم الاعتماد فقط على الهواة الذين يستخدمون الهواتف فى التصوير.. وإن كنا بالطبع لا نستهين بهذا الجهد الذى يعوض خسة وانحطاط شبكات التليفزيون العالمية، فلولا جهود هؤلاء الهواة ما رأينا تل أبيب تحترق!.