بقلم : أمينة خيري
طالما هناك انتخابات على الأبواب، فلدى مقترح ساذج ربما يلقى أذناً أو هوى أو اهتماماً ما. ما أفهمه هو أن الانتخابات، أى انتخابات، يفترض أن يكون بطلها هو الناخب. هو الهدف، وهو الغاية، وهو الوسيلة، وهو السبب. وبدون الناخب، لا توجد انتخابات أو مرشحون. بالطبع يمكن أن يغيب الناخب، أو أن يكون حضوره أو ظهوره «كده وكده»، وبالتالى يكون هناك مرشحون، وانتخابات، ولكن المحصلة النهائية برمتها ستكون «كده وكده».
بمعنى آخر، وبحسب موسوعة «بريتانيكا»، «الانتخابات هى العملية التى يختار من خلالها المواطنون من يمثلهم فى الحكومة أو ما سيتم اتخاذه بشأن قضية معينة. يشارك المواطنون فى الانتخابات بالتصويت. ومن الضرورى للغاية وجود بدائل، أو خيارات، فى الانتخابات. فى بعض الدول، تُجرى الانتخابات، لكن لا يتوفر للناخبين خيار حر وحقيقى بين بديلين على الأقل. مع أن معظم الدول تُجرى انتخابات بالمعنى الرسمى على الأقل، إلا أن الانتخابات فى كثير منها ليست تنافسية».
وتشير الموسوعة إلى أن «الانتخابات تسهم فى تحقيق الذات من خلال تأكيد قيمة وكرامة المواطنين كأفراد. والمشاركة فى الانتخابات تُعزز ثقة المواطنين (الناخبين) فى أنفسهم واحترامهم لذاتهم. يتيح التصويت للناس فرصة التعبير عن آرائهم، ويُشبعون حاجتهم للشعور بالانتماء. حتى عدم التصويت يُشبع حاجة البعض للتعبير عن اغترابهم عن المجتمع السياسى».
وأضيف من عندى أن عدم التصويت يكون مهماً حين يكون رسالة موجهة ومقصودة لمن بيدهم الأمر، وإلا اعتُبِر عدم التصويت لا مبالاة وسلبية وتقصيراً. والأخطر من عدم التصويت هو التصويت الموجه أو المدفوع أو المهندس، مثل الهندسة الوراثية حيث تغيير التركيب الجينى للكائن الحى عن طريق تعديل الحمض النووى، والتصويت المهندس وراثياً هو الذى يخضع فيه الناخب لتغيير فى التركيبة الطبيعية، أو السياسية أو الاجتماعية أو المادية، ويتوجه لصناديق الانتخابات مدفوعاً من آخرين، من منطلق أن صوته سيأخذه إلى الجنة، أو مدفوعاً بالمعنى الحرفى المادى للكلمة.
وأعود إلى مقترحى الساذج. أسير فى الشوارع وأمر من الميادين، وتطالعنى هذه اللافتات الضخمة المهيبة التى تحمل صوراً وأسماء وقوائم وقامات من المرشحين المحترمين، وأسأل نفسى، وأسأل المحيطين: ماذا نعرف عنهم؟ وماذا يعرفون عنا؟ ولماذا اتخذوا قرار الترشح؟ وما الذى يبتغونه حقاً من الترشح، وبالطبع أن يصبحوا أعضاءً فى مجالس نيابية؟ جميعنا بشر، وجميعنا يحب ويصبو إلى الشهرة والمكانة والأهمية والقوة... إلخ، ولكن البشر القابعين على الجانب الآخر من الانتخابات، أى الناخبين، يحبون ويصبون إلى أهداف وغايات كذلك، وأغلبها لا يتعلق بكل ما سبق من شهرة ومكانة وأهمية.
وغايات كل الطرفين طبيعية ومقبولة، ولكن أليس من الأفضل أن تكون هناك منطقة وسط تتقابل فيها كتلتا الأهداف والغايات؟ أقترح أو أتمنى أو أهفو إلى انتخابات ومرشحين وناخبين تجمع بينهم أرضية متناغمة متناسقة قادرة على تحقيق قدر من آمال وأحلام الجميع، بعيداً عن فكرة تستيف المشهد الانتخابى.