وسائل الانفصال الاجتماعي

وسائل الانفصال الاجتماعي

وسائل الانفصال الاجتماعي

 العرب اليوم -

وسائل الانفصال الاجتماعي

بقلم - سحر الجعارة

رسالة sms أو whatsapp على الموبايل، أو like على «فيس بوك» تؤكد أننا عاجزون عن التواصل.. وأن العلاقات الإنسانية أصبحت «مميكنة»؟.. حتى وأنت فى وسط الأهل والأصدقاء، كل فرد مشغول بشاشة الموبايل، منهمك فى متابعة مواقع «التواصل الاجتماعى» ومنفصل تماماً عن محيطه الواقعى؟

كيف يمكن أن تصالح نفسك، تعترف بأخطائك، تبحث عن «السلام الداخلى» ما دام مفقوداً على الأرض.. تسطر مفردات الرومانسية بإحساسك، وتجسّد معانى البراءة والنقاء بمشاعرك.. أن تكون واحداً من «عشاق الحياة» بفنونها وألوانها.. بغموضها وشجونها.. أن تكون راقصاً صوفياً متجرّداً من أطماعها التى تحنى الجباه.. ازهد فيها تأتِ إليك.. واتركها تلهث خلفك.. هكذا هى الدنيا مثل امرأة مراوغة.

وقبل أن تُفتش عن عطاء الآخرين اسأل: ماذا قدمت لهم؟.. هل وُلدنا كنبت شيطانى، أم أن الأهل والعائلة منحونا «شهادة ضمان» بدعمهم المعنوى، ومساندتهم لنا.. إلى الأبد!

نحن حتى لا نعترف بأننا نجافى من نعيش معهم فى البيت نفسه، فلا موعد يجمعنا، ولا حوار يجذبنا إلى أرضية مشتركة، لم يتبقَّ بيننا إلا الملل والرتابة و«الأجهزة»!

المشهد المتكرّر فى كل منزل أن كل فرد مشغول بالتحاور مع «آلة»، قد تكون شاشة تليفزيون أو كمبيوتر أو موبايل.. ينقلنا إلى عالم آخر متجدّد كله حيوية وإثارة.. نحن نعيش فى الفضاء الإلكترونى، حيث نتحرّر من الواجبات الإنسانية والعائلية.. ونرمى هموم العمل وزحمة الحياة.. لكل منا «عالمه الخاص» الذى صنعه بنفسه ولنفسه.. وكأننا نسجنا شرنقة تحجبنا عن الواقع ونتقوقع بداخلها لنُعانى «وحدة مفتعلة».. أو أن حياتنا قصيدة لم تكتمل، ورواية لم تتم فصلها الأخير، وقصة حب غابت بطلتها عن المشهد!.. أو أننا دائماً فى مفترق طرق!

أحياناً أتصور أن الإنسان يعانى درجة ما من درجات «التوحّد مع الذات».. بإرادته. لو اقتحمت عزلة أحدهم وقرّرت أن تحدثه مثلاً عن صلة الرحم، فتبدأ بالحديث الشريف لرسول الله «صلى الله عليه وسلم»: (مَنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليصلْ رحمَهُ).. ستأتيك لهجة تهكّم.. ويرد عليك بسخرية: (هل تمر بحالة «دروشة»)؟.

ثم تتوالى الاتهامات بأن العلاقات الاجتماعية كلها نفعية وانتهازية، ولا أحد يسأل عنك إلا لطلب «مصلحة».. وأن الإنسان الذى يعطى بلا مقابل مريض بحب التضحية، ويعيش دور «الشهيد» بإرادته.. فلا أحد يستحق.

وهكذا تتآكل إنسانية البشر، فيتحولون هم أنفسهم إلى «آلات»، تتحرك حسب بوصلة «الربح».. وكأننا فى «بورصة» لا وجود لأسهم الود والامتنان والواجب فيها!

أنا شخصياً لا أتذكر آخر مرة تلقيت فيها باقة ورد، ربما كانت فى عيد الأم، لكننى لم أقاطع بائع الزهور، ولم أخاصم الأغانى، ولم أهجر نفسى لأغترب فى عالم الأنانية و«الأنامالى»!

مازلت أفتش فى كل إنسان عن موطن الجمال، أعانق ما أجده من صدق نادر، أتمسك بلمسة دفء ولو كانت عابرة.. أترانى «ساذجة»؟.. ربما!

أصعب ما فى الحياة أن تعيش مستيقظاً دائماً، ترى عيوب البشر وتجسّدها، تتذكر خطاياهم وتعيشها ألف مرة، تستدعى الخيانة لكى تحمى نفسك من التعرّض لها مجدّداً.. لكنك لا تسأل أبداً: لماذا لا أصنع البهجة لى وللآخرين؟

البهجة «مجانية» لأنها تنبع من وجداننا، وفى زمن «المادة» لن تكتب لك الآلة «نوتة موسيقية» ولن تشاركك «رقصة الحياة».. اتركها لتسترد نفسك.

نحن نداوى أنفسنا بالتسامح وتجاوز ذنوب الآخر.. قبل أن نمنحهم الغفران.. نحتفظ بيدنا ممدودة بالحب، مهما جرحتنا الأشواك وأدمت قلوبنا.. حين يجرحك الآخر عليك أن تظل كما أنت، أن تحتفظ بإنسانيتك ولا تتحول إلى «مسخ» شوهته سهام الآخرين.

فتّش عن «السعادة» تلك الجزيرة المفقودة، وتخفّف من أحمالك.. فكما قال مولانا «جلال الدين الرومى»: (كم هم سعداء أولئك الذين يتخلصون من الأغلال التى ترسخ بها حياتهم). 

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وسائل الانفصال الاجتماعي وسائل الانفصال الاجتماعي



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 04:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

ترامب يفرض رسومًا جديدة للحصول على إتش- 1 بي

GMT 07:35 2025 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

ارتفاع وفيات حمى الضنك في بنغلاديش

GMT 07:40 2025 الإثنين ,22 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.8 درجة يضرب جبل آثوس شمال اليونان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab