شجاعة شمس وجلد المغردين

شجاعة شمس وجلد المغردين

شجاعة شمس وجلد المغردين

 العرب اليوم -

شجاعة شمس وجلد المغردين

عبد الرحمن الراشد

حكم قاض على أحد المغردين، بالسجن والجلد العلني والغرامة، لأنه قذف الفنانة الكويتية شمس التي «تجرأت» ورفعت شكواها ضد من تعدى على عرضها في «تويتر». وللحكم القضائي في السعودية دلالاته، فقد حسم الجدل حول خصوصية وعمومية التعبير الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، وبقية وسائل الإعلام التفاعلي. وفيه اعتبار، أن الجميع لهم نفس الحقوق أمام القضاء بما فيهم المشتغلون بالفن، بعد أن كانوا منبوذين قضائيا. إلا أن الشق الأهم، الذي سينعكس على مفهوم التعبير والحريات والحقوق، هو محاسبة الفرد على التعليقات القصيرة، عاديا كان أم شخصية عامة. وقد أصبحت المسألة أكثر تعقيدا منذ أن فتحت المحاكم في عدد من الدول أبوابها للتداعي، وسجلت عدة أحكام في الولايات المتحدة وأوروبا ضد مغردين، وكذلك ضد معلقين على وسائل الهواتف الشخصية. عمليا أغلق باب التعبير الحر المسموع والمقروء، وبالتالي قتلت أهم ميزة لـ«تويتر» و«فيس بوك» وبقية الوسائل، وصار تصنيف التعليق الشخصي لا يقل تجريما عن الكتابة العلنية، إذا بلغ التعبير حد المحرم. كان الانطباع العام أن وسائل التواصل ساحة مفتوحة للتعبير الشخصي، خارج إطار الأحكام التي تطبق بحق وسائل الإعلام التقليدية المكبلة بالقيود القانونية والسياسية. لماذا طالما أنها مجرد آراء شخصية، كما يعبر عنها الناس عادة في بيوتهم وبين أصدقائهم، هكذا كانت تصنف؟ السبب أن الوسائل التفاعلية الجديدة فرضت نفسها كصانعة رأي، ومحرك للسوق السياسية والاجتماعية عموما، وتجاوزت تأثيراتها حدود الإعلام التقليدي. بسببها بدأ حساب الخسائر، وبدأ المتظلمون يقفون في الطابور يطالبون بأقسى العقوبات. والضرر في المحاكم الغربية يحتسب بحجمه أيضا، فالصحيفة التي تبيع مليون نسخة تحاسب بأعلى من التي تبيع ألف نسخة، ومن المتوقع أن يطبق الشيء نفسه على كبار المغردين والمتواصلين في عشرات الوسائل الكثيرة، فكلما كثر المتابعون للمتهم كبرت الجريمة وارتفعت قيمة الغرامة. القضاة، مثل الشرطة أحيانا، يعتمدون الأحكام القاسية في زمن يظنون أنه يستوجب التدخل لوقف «المخالفات الجماعية الكبيرة»، أو التيارات كما نسميها. ولو أن أحدا حاول أن يحصي عدد المخالفين على «تويتر» في اليوم الواحد لوجدهم بالآلاف، كلهم وفق القانون ربما يستحقون الجلد والحبس. بينهم من يزوِّر معلومات، وهناك من يقذف النساء صراحة، ومن يتهم غيره بما ليس فيه، ومن يحرِّض على العنف، ومن يحتال لجمع المال، ومن يوجه السوق تدليسا، ونحوه. لكن لن يتقاضى أمام القضاء إلا قلة، ومن خلالهم سيحاول القاضي إيصال رسالته بالأحكام القاسية، أن وسائل التواصل ليست مجالس خاصة، وكل ما يقال فيها يحاسب عليه صاحبه. بعد إدانة المتهم بقذف الفنانة شمس نتوقع أن يمتنع كثيرون عن التصريح بمشاعرهم الشخصية حيال الفنانات، إذا كانت تتجاوز المقبول. ولا شك أن شمس امرأة شجاعة اختارت أن تذهب للقضاء السعودي المشهور بأنه لا يحب كثيرا استقبال قضايا أهل الفن. وحتى لا يعطي حكم القاضي الرسالة الخاطئة، فإن المحرم هو القذف وليس النقد، من حق من شاء أن يهجو غناءها أو صوتها أو صورتها أو رأيها، وعندما يتهمها بالسقوط أو الدعارة أو غيره هنا يصبح مجرما محتملا.    

arabstoday

GMT 18:04 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

دروس الماضى القريب

GMT 18:03 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

حزب الله وتغيير الحسابات

GMT 17:28 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مسمط «نابليون»

GMT 17:27 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

يسِّروا

GMT 17:24 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

كيف نستغل طاقة الحجاج الهادرة؟

GMT 17:23 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

السير على الحبل المشدود

GMT 11:16 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

غزة ومحكمة العدل الدولية

GMT 00:44 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

القصور تكتظ بهنَّ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شجاعة شمس وجلد المغردين شجاعة شمس وجلد المغردين



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 12:01 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

أرسنال يعلن عن وفاة نجمه السابق كامبل

GMT 03:57 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

قصف روسي على مدينة بولتافا الأوكرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab