بقلم : طارق الشناوي
اتصل بى زميل الدراسة، بعد عودته فى إجازة من إحدى دول الخليج، قائلاً: «إنه يدعونى للقاء، فى أقرب فرصة، لأن إجازته قصيرة، وهو يحتفظ بمقال لى ويريد مناقشتى».
كان صديقى قد اختار السفر حتى يتمكن من تأمين مستقبله، الخطة هى أن خمسة أعوام تكفى، وبعدها يعود، إلا أنه اقترب من 40 عامًا، لا يقضى فى القاهرة أكثر من شهر كل عام، ويعود بعدها مجددًا للعمل. صديقى أثناء الدراسة فى كلية إعلام القاهرة، تعود أن يُحيل كل قضية جادة إلى نكتة، إلا أن الزمن سرق منه الكثير من روح الدعابة، بل انتقل به إلى الجانب الآخر، يحيل النكتة إلى قضية جادة، ويطل على كل ما نعايشه من منظور دينى مباشر.
كنت قد كتبت مقالًا فى إحدى المجلات العربية، عنوانه (مارلين مونرو فى الجنة)، اكتشفت أنه متابع جيد، وأخرج قصاصة الورق، وأخذ يقرأ المقال، وسأكتفى ببعض الفقرات: «هل ينتهى سحر الأساطير، هل يضع الموت خط النهاية؟ الواقع يؤكد أن السحر يتخطى حاجز الموت، لديكم مثلًا مارلين مونرو عاشت بيننا 36 عامًا، ولكنها لم تغادر الحياة.
استطاعوا بالذكاء الاصطناعى إعادتها مجددًا، يقدمون لها وعنها أفلامًا جديدة، حياتها لا تزال مُلهمة، يطفو على السطح لغز الانتحار، بعض الروايات تؤكد أنها تعرضت للقتل، حتى لا تبوح بكل الأسرار السياسية التى عرفتها بحكم اقترابها من جون كينيدى الرئيس الأمريكى، وشقيقه روبرت كينيدى. كالعادة فى مثل هذه القضايا، لا يمكن حسم أى شىء، هناك من يرسم سيناريو ثالثًا لجريمة القتل بسياسة الخطوة خطوة التى دبرها طبيبها النفسى، من خلال جرعة دواء تتراكم فى جسدها مع الأيام لتؤدى فى نهاية المطاف إلى الموت، بدون أن تثير أى شكوك. كلها كما ترى حكايات يعوز الكثير منها المنطق، إلا أنها لا تزال قابلة للتداول.
أحد الأثرياء قبل بضع سنوات اشترى قبرًا بجوار مرقد مارلين مونرو فى (بيفرلى هيلز) بولاية كاليفورنيا التى يقطن بها مئات من نجوم هوليوود، وتتزين ببصماتهم فى كل مكان، وبها أيضًا مثواهم الأخير. دخل الثرى فى مزاد علنى، مع حالمين آخرين بأن يجتمعوا بجوارها فى العالم الآخر، معتقدين أن الخطوة الأولى تبدأ باختيار موقع القبر.
كانت مارلين واسمها المدون فى الأوراق الرسمية نورما جين، تُدرك أن جاذبيتها ليست فى الفستان أو المساحيق ولكن فيما تملكه من سحر داخلى تدعمه الملامح الخارجية، ويحتفظ لها الأرشيف بفساتين مصنوعة من الخيش، ارتدت أكثر من واحد، نشرتها الصحف وقتها لتؤكد أنها تملك عمق السحر وليس فستان الخيش.
أتذكر أن النجمة الكبيرة زبيدة ثروت أوصت فى أحد البرامج التليفزيونية بأن تُدفن بجوار عبدالحليم، كان حليم يريد الزواج منها، إلا أن والدها رفض تلك الزيجة، بعد أن شاركته بطولة فيلم (يوم من عمرى). رحلت زبيدة عام 2016 ولم تنفذ وصيتها، بينما هذا الثرى الأمريكى العاشق المفتون أنطونى جابين، ستتحقق أمنيته بعد عمر طويل ويدفن بجوار مارلين مونرو!!».
المقال كما ترى لا يتعرض للجنة أو النار ولا لعذاب القبر، لكنه يتناول الجنون بالأساطير، بدأ صديقى فى تناول الأمر دينيًا، وبكل جدية قال بانفعال، هل يجوز أن تُدفن امرأة بجوار رجل؟ أجاب لا طبعًا حتى لو كان زوجها، ثم أضاف مارلين لن تدخل الجنة فهى لم تشهر إسلامها، وقدمت أفلامًا كلها عرى وإغراء، قلت له وأنا أنظر فى ساعتى (على فكرة ربما كانت مارلين مونرو أفضل منك عند الله)، وواصلت وأنا أُهمّ بالانصراف، (فى إجازتك القادمة هقولك ليه مارلين مونرو فى الجنة)!!.