السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

 العرب اليوم -

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية تتشكل ثم تتقارب وتتباعد بناء على عوامل متعددة ومؤثرات مختلفة، وبعد تشكلها يبدأ كل تيارٍ يتشظى من داخله وتصطدم التشظيات ببعضها البعض لأسباب بعضها صغير وتفصيلي وبعضها كبير ومهم، وقد جرى هذا في كل الأمم ولدى جميع التيارات على طول التاريخ وعرض الجغرافيا.
في الثمانية عقودٍ الأخيرة من تاريخ المنطقة خرجت جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها «جماعة الإخوان» وهي جماعةٌ دينية همّها الأول هو السياسة ولا شيء ينافس السياسة في أولوياتها وبنيتها وخطابها، أما علوم الشريعة من فقهٍ وتفسيرٍ وأصولٍ فتحتل مرتبةً ثانويةً في اهتمامها، ولذلك لم يكن في قياداتها ومؤسسيها فقيه واحدٌ ولا معنيٌ بالعلوم الشرعية من أساسها، وإلى اليوم وبعد مرور ثمانين عاماً لم يتولّ منصب المرشد العام للجماعة ولا فقيه معتبر واحد.
مع تمدد الجماعة المنظمة في البلدان العربية والإسلامية وحول العالم بدأت بالتأثير على الأفكار والتيارات الأخرى، وكانت العلاقة تبادلية في التأثير، ولأن هم «جماعة الإخوان» هو السياسة فهم قابلون للتعايش مع كل التيارات وبالذات التيارات الدينية، طائفياً ومذهبياً وسلوكياً، ويمكن رصد ذلك في العلاقة الوطيدة بين الجماعة من جهةٍ وتيارات الإسلام السياسي الشيعي من جهة أخرى، وتلك قصة طويلة سبق شرحها.
من التيارات الدينية التي تفاعلت معها الجماعة «التيار التقليدي» أي الفقهاء المعتبرين في المذاهب الإسلامية الأربعة، والتيارات التي تمثلهم أو تمثل بعضهم ومن أشهر تلك التيارات، التيار السلفي، وقد تأثر الطرفان ببعضهما بنسب متفاوتة. فكان للقاء «جماعة الإخوان» بـ «التيار السلفي» تأثيرات متبادلة، فمثلاً خرجت تيارات للتوفيق بين الجهتين، فكانت السرورية وأتباع محمد سرور زين العابدين وكان تيار عبدالرحمن عبدالخالق في الكويت وحاول «الإخواني» العراقي محمد أحمد الراشد تسليف «الإخوان» أو تطعيم «الجماعة» بشيء من خطاب السلفية لتسويقها، وخرجت تيارات سلفيةٌ ناصبت «الجماعة» العداء مثل «الجامية» أو «المدخلية» والمقصود بالتسميات هنا الوصف فحسب، وهؤلاء أقرب للسلفية التقليدية من غيرهم.
في السلفية التقليدية أخطاء كما في غيرها من التيارات، وهذه قصة طويلة، ولكن السياسة لديها ليست أولويةً، ومن هنا ظلت الصدامات في الرؤى والمواقف تتكرر بين «السلفية التقليدية» وتيارات الإسلام السياسي قاطبة، ويمكن استحضار مواقف لا تعد بين هذين التيارين، فمثلاً الموقف من «الجهاد» الأفغاني وغيره أو«الإرهاب» يختلف كثيراً وتصل الخلافات فيه إلى صدامات وصراعات. يكفي المتابع أن يأخذ أمثلةً سريعةً وجديدةً، فمثلاً الموقف من «حزب الله» اللبناني أثار جدلاً على الجانب السنّي، فبينما مجّدته كل تيارات الإسلام السياسي ورموزها فقد رفضته «السلفية التقليدية» وقد أقرّ القرضاوي في مرحلة معينة ببعد نظر رموز «السلفية التقليدية» وقصر نظره هو وتيارات الإسلام السياسي معه في الموقف من الحزب.
في أحداث غزة الساخنة هذه الأيام، وفي الأحداث المماثلة التي توالت في السنوات الماضية تجد البون شاسعاً بين موقف السلفية التقليدية وموقف تيارات الإسلام السياسي، فبينما تنطلق السلفية التقليدية من موقف فقهي مبنيٍ على قواعد فقهية وأصولٍ شرعية راسخةٍ، تنطلق تيارات الإسلام السياسي من مواقف سياسيةٍ محضةٍ تراعي سياسات بعض المحاور الإقليمية، وللسلفية التقليدية رموزٌ في السوشيال ميديا، ولكنّ حضورهم أضعف من غيرهم. أخيراً، ففي السلفية التقليدية موازنات دقيقة لمصالح الأفراد وضروراتهم ومصالح المجتمعات أما تيارات الإسلام السياسي فالسياسة أولاً، ولذلك فهي تياراتٌ لا تعبأ بأن يقتل الآلاف في مقابل نصرٍ إعلامي صغيرٍ.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي» السلفية التقليدية و«الإسلام السياسي»



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 11:02 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله
 العرب اليوم - فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله

GMT 01:56 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس السوري أحمد الشرع يجتمع بمسؤولين سعوديين في الرياض

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ساناي تاكايتشي تستعد لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:49 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يمتدح إيلون ماسك بعد خلاف طويل ويؤكد حبه الدائم له

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى

GMT 15:17 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

انفراجة دبلوماسية تسبق لقاء ترمب وشي جينبينغ في قمة آسيان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab