في معاني النصر والهزيمة

في معاني النصر والهزيمة

في معاني النصر والهزيمة

 العرب اليوم -

في معاني النصر والهزيمة

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

كالأفراد، تختار الدول أهدافها وتحدد غاياتها، وتبني على هذه الأهداف والغايات خططها واستراتيجياتها وترسم أولوياتها التي تلتزم بها لتحقيق الغايات، الزمان والمكان والمعطيات، عنصر رئيس للنجاح والنصر والإنجاز حين تتم مراعاتها، وعنصر محبطٌ حين يتم تجاهله.
لقد اختارت دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية والإمارات المضي قدماً نحو النجاح والنصر والإنجاز، وهما على القمة عربياً في العديد من المجالات، لا بسبب الإمكانات المادية فحسب، بل بسبب الرؤية الثاقبة والوعي المتقدم وإحكام التخطيط والتنفيذ، ولذلك فالمتابع لا يمكنه حصر الإنجازات التي تتوالى في شتى المجالات في كلا البلدين.
المثال يوضح المقصود، فبعض دول المنطقة اختارت بوعيٍ أن تحدد غاياتها في «التوسع» و«بسط النفوذ» و«فرض الهيمنة» على الدول المجاورة، بناء على رؤيةٍ غيبيةٍ لا علاقة لها بالواقع، وصرفت لتحقيق ذلك المليارات والجهد والخطط والاستراتيجيات، ونسيت شعبها وتنميته ورفاهيته، وفسرت القوة بأنها امتلاك أسلحةٍ فتاكةٍ محظورةٍ دولياً، وهي نجحت جزئياً في التوسع عبر تخريب الدول لا بنائها وفشلت كلياً في امتلاك الأسلحة.
على طول التاريخ وعرض الجغرافيا وجدت في كل الأمم قيادات وضعت أهدافاً وغاياتٍ لا يمكن تحقيقها، وهي مستحيلة بناء على المعطيات الموضوعية، وحشدت الأمة والإمكانيات والخطط والجهود والأموال من أجل ذلك، ثم انهارت انهياراً كاملاً في النهاية، وأوضح الأمثلة الحديثة على ذلك هو هتلر ألمانيا والنازية.
في الحرب العالمية الثانية حشدت اليابان سفنها وطائراتها لتنجح في ضرب الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً، ونجحت في ضرب ميناء «بيرل هاربر» في عرض المحيط الهادئ، وكبدت أميركا خسائر غير مسبوقةٍ، ولكن هذا النجاح في معركة أورثها خسارة الحرب بأكملها، وخسر معها محورها حين قرّرت أميركا دخول الحرب وتغير التاريخ.
قبل «هتلر» وبعده يروي التاريخ قصص قادةٍ وزعماء كبار أعمتهم الأيديولوجيا أو الخرافة أو الأوهام عن التفريق بين الممكن الذي يسعى إليه والمستحيل الممتنع التحقق، بين الجهود التي تنجح وإن بكثير من التعب والجهود التي يلازمها الفشل، وهذا الفارق المهم يمكن قراءته بوضوح في تاريخ المنطقة الحديث وتاريخ دولها وقياداتها وتياراتها السياسية والثقافية المسيّسة.
في الحروب مع إسرائيل قال بعض القادة العرب بأنهم سيحررون فلسطين من النهر إلى البحر، وقال عبدالناصر بأنهم سيرمون إسرائيل في البحر، ثم انهزموا هزيمةً نكراء بين عشية وضحاها وخسروا أراضي كبرى من بلدانهم في 1967 وحين جاء السادات قال بأنه سيستعيد أرضه وسيدعم الفلسطينيين وانتصر في حرب 1973 واستعاد سيناء، والتاريخ قريب ودلالته صريحة في الفرق بين الشعارات المستحيلة وبين الغايات الممكنة مهما كانت صعبةً.
المتابع للشعارات التي تملأ الأفق اليوم يمكنه بسهولة تصنيفها وفقاً لهذا السياق، بين ما هو ممكنٌ وما هو مستحيلٌ، بين ما هو واقعيٌ وما هو خرافي، والمؤلم هو أن بعض الشعارات تتم استعادتها بنفس ألفاظها دون أي تغيير، ما يعني أن ثمة مشكلة كبرى في انتشار العقل والحكمة وتراكم الوعي.
يصاب كثيرٌ ممن يصدق الشعارات الزائفة ويركض خلف المزايدات بالإحباط لأنه يعاني الهزيمة في كل مرةٍ ويعاني الفشل مراراً، وإدمان الهزائم يخرج الإنسان من التفكير السويّ إلى الأيديولوجيا لأنه يصبح عاجزاً تماماً أمام الواقع وقوته وفرضه لشروطه الصارمة على الجميع.
في التاريخ السياسي الحديث دروسٌ لا تنتهي، ولكن البعض يصرّ على الخديعة في قراءته، فمثلاً يصر البعض أن «فيتنام» الصغيرة الضعيفة هزمت «أميركا» الإمبراطورية، وهذه مغالطة صريحة، فأي «فيتنام» اليوم وأين «أميركا»؟
أخيراً، فأولويات الأفراد والدول تحكم واقعها ومستقبلها، وواقعيتها في رسم الأهداف والغايات تحكم إدمانها للنجاح والإنجاز والنصر.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في معاني النصر والهزيمة في معاني النصر والهزيمة



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 22:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

دارفور على صفيح ساخن بعد سقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - دارفور على صفيح ساخن بعد سقوط الفاشر بيد قوات الدعم السريع

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab