معجزة سنغافورة قصة البدايات

معجزة سنغافورة.. قصة البدايات

معجزة سنغافورة.. قصة البدايات

 العرب اليوم -

معجزة سنغافورة قصة البدايات

بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

يعرف الشباب العربي المعاصر سنغافورة بوصفها دولة ناجحة تمثل نموذجاً نهضوياً فريداً، وينتهي الأمر هنا لدى الغالبية منهم، وهذه معرفة ناقصة لا تضمن فائدةً ولا تحفّز عقلاً، بينما الغوص في التجربة قراءةً وتمعناً، مقارنةً وتحليلاً، تحدياتٍ ونجاحاتٍ، تمنح النموذج حقه وتجعله إضافةً معرفيةً حقيقيةً. الجدالات النظرية بالغة الأهمية في تشكيل العقول والأفكار ورسم الأولويات وتجنب الأخطاء، ولكنها بحاجة دائمة للنماذج التي يمكن دراستها والأمثلة التي يمكن استقصاؤها والتفاصيل التي تمكن محاكمتها، لأن الأفكار حين تتجسد في تجربة إنسان قائدٍ أو مجتمعٍ وشعبٍ أو أمةٍ ودولةٍ تمنح التاريخ معنى ودارس التاريخ حكمةً.
«من العالم الثالث إلى الأول»، هذا هو عنوان الكتاب الضخم والجليل الذي ألفه باني نهضة سنغافورة الحديثة «لي كوان يو» ويروي فيه تجربته التي تصف «قصة سنغافورة 1965 – 2000» بحسب العنوان الفرعي الذي وضعه، وهو كتاب من ألف صفحةٍ مترعةٍ بالحكمة والعقل والرؤية واستشراف المستقبل.
بداية الكتاب صفحاتٌ ليست بالقصيرة تنقل مقتطفاتٍ من ثناء عاطرٍ أسبغه قادة العالم الكبار على الكتاب والكاتب، على التجربة وصانعها، على صانع القصة في الواقع وراويها في كتابٍ للتاريخ، كوفي عنان وجورج بوش ومارغريت تاتشر وجاك شيراك وعشرات الأسماء سجلت حكمها على التجربة وفرادتها والكتاب ومؤلفه.
كتاب بهذه القيمة والتميز جديرٌ بأن يقدم له رجل بفكر وثقافة وموسوعية هنري كيسنجر، مالئ الدنيا وشاغل الناس، الذي وضع الكتاب ضمن سياقه الواقعي والتاريخي من وجهة نظره، عبر السياق الحضاري الغربي للحضارة الإنسانية، وهو ما يمكن لكل قارئ أن يجد زاويته الخاصة التي ينظر منها للتجربة وللكتاب المعبر عنها، وكم نحن بحاجة في منطقتنا لتمثل مثل هذا النموذج الملهم حضارياً وتنموياً ونهضوياً، لا بوهم التطابق الذي يحرف الفكر، بل بالمقارنة والتحليل وأخذ الحكمة من أحد منابعها الأصيلة.
التحديات كما عرضها «لي كوان يو» وباختصارٍ سيكون مخلاً بالتأكيد، هي جزيرة صغيرةٌ في جنوب شرق آسيا، فقيرة الموارد الطبيعية، قليلة السكان، وهم على قلتهم مختلفون عرقياً بين صينيين وملاويين وهنود، وهم مجتمع «متعدد اللغات والثقافات والديانات»، وتقع سنغافورة بين دولتين من أكبر دول المنطقة هما إندونيسيا وماليزيا، وكانت قد خرجت لتوها 1965 من أكثر من قرنٍ من استعمارٍ بريطاني ومرّت بفترة احتلالٍ يابانيٍ واستقلت عن الاتحاد الماليزي الذي لم يكن يرغب بها.
كلمات يجب أن يقرأها الشباب العربي المتعلم والطموح للمستقبل استهلّ بها «لي كوان يو» كتابه، وهي تستحق التأمل العميق والمقارنة الواعية، يقول فيها: «كتبت هذا المؤلف من أجل الجيل الشاب من السنغافوريين الذين اعتبروا الاستقرار والنمو والرخاء قضايا مسلماً بها»، ويضيف: «لا نستطيع تجاهل حقيقة أن النظام العام، والأمن الشخصي، والتقدم الاقتصادي-الاجتماعي، والرخاء والازدهار، ليست من النظام الطبيعي للأشياء»، وهذه العبارات تحتاج أن يقرأها شباب دول الخليج بتمعنٍ ودولهم تخطّ طريقها نحو المستقبل وتواجه تحدياتٍ كبرى تقودها آمال عراض.
في الثانية والأربعين من العمر أصبح مسؤولاً عن سنغافورة المستقلة، وواجه ثلاثة تحديات: الظفر بالاعتراف الدولي وتكوين الجيش وبناء الاقتصاد، وكمثالٍ ففي «تكوين الجيش» كان واعياً بدوافع شعبه، وعزا دواعي رفض الجندية لدى قطاعات من شعبه إلى أسباب سياسية أو تاريخية أو استعمارية، في قصص وتفاصيل تروي كيف يمكن للقائد المدرك لكل تفاصيل شعبه وخلفياته وحساسيته أن يبحر ببلاده في أمانٍ ويجنّد كل الجهود والطاقات لمشروعٍ جامعٍ يصنع المستقبل.
أخيراً، فهذه هي فقط بداية قصة تشكل المعجزة السنغافورية التي يمنح التمعن فيها شواهد على جدالات قائمة في عالمنا العربي المعاصر.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معجزة سنغافورة قصة البدايات معجزة سنغافورة قصة البدايات



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 01:56 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

الرئيس السوري أحمد الشرع يجتمع بمسؤولين سعوديين في الرياض

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 08:03 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يصعد بعد تراجع مخزونات الخام الأميركية اليوم الأربعاء

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 14:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ساناي تاكايتشي تستعد لترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:49 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترامب يمتدح إيلون ماسك بعد خلاف طويل ويؤكد حبه الدائم له

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى

GMT 15:17 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

انفراجة دبلوماسية تسبق لقاء ترمب وشي جينبينغ في قمة آسيان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab