لبنان بين عتمتين

لبنان بين عتمتين

لبنان بين عتمتين

 العرب اليوم -

لبنان بين عتمتين

بقلم : عبدالله بن بجاد العتيبي

الخيارات السياسية ليست عبثاً، بل هي تحدد مصائر دولٍ وشعوبٍ، ولها على الدوام تبعاتٌ، صغيرةً كانت أم كبيرةً، لحظيةً أم تراكميةً، ولأجل هذا تحتاج كل الأطراف لتحمل مسؤوليتها تجاه أي خللٍ أو تدهورٍ في الاستقرار أو الأمن أو الخدمات، وفي بلدٍ مثل لبنان تكون المعاناة أكبر والأثر أبلغ.

لبنان منذ سنواتٍ طويلةٍ وهو يشكل عنصراً مهماً وفاعلاً في ما يسمى بمحور الممانعة أو المقاومة عبر «حزب الله اللبناني»، والذي ازداد قوةً بعد السيطرة الخارجية على القرار في العراق بعد 2003 وبعد الانتشار الواسع للميليشيات التابعة لها في سوريا بعد 2011 وبعد احتكار حمل السلاح داخل لبنان بعيداً عن الدولة ومؤسساتها.

نشرت صحيفة النهار اللبنانية خبراً جاء فيه: «وانقطع التيار الكهربائي انقطاعاً تاماً شاملاً عن كل المناطق اللبنانية بعدما أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان ظهر أمس خروج آخر مجموعة إنتاجية..عن الخدمة بالكامل قسرياً، ما أدى بنتيجته إلى توقف التغذية بالتيار الكهربائي كلياً على جميع الأراضي اللبنانية بما فيها المرافق الأساسية في لبنان (مطار، مرفأ، مضخات مياه، صرف صحي، سجون، إلخ)»، وفي أي دولةٍ تمتلك أدنى المقومات يجب أن تسقط حكوماتٌ جراء مثل هذه الكارثة، ولكن لبنان يعيش «وضعاً خاصاً» كما يروج كثير من اللبنانيين. ليست العتمة المادية وحدها هي التي أضرت بلبنان، بل قبل هذا كانت العتمة الأيديولوجية ومعها العتمة السياسية، فلبنان بأحزابه وتياراته مسؤولٌ كل المسؤولية عما جرى ويجري، والتحالف الذي قام قبل سنواتٍ طويلة بين «حزب الله» اللبناني و«التيار الوطني الحر» بقيادة عون هو الذي أوصل لبنان لهذه المرحلة.

لبنان الذي كان يسمى «سويسرا الشرق» مفتخراً بتعدديته الدينية وتنوعه الثقافي دخل حرباً أهليةً أكلت الأخضر واليابس وعندما أعيد بناؤه بقيادة رفيق الحريري لم تكتمل إعادة البناء بسبب اغتياله وقتله في بيروت من جهاتٍ معروفةٍ حاولت التغطية على ذلك بمسرحية هزلية كان بطلها «أبو عدس»، لبنان هذا لم يعد له أثرٌ اليوم.

شكل الحزب المسيحي غطاء سياسياً للحزب المقاوم، وبالرغم من كل الأزمات والحروب ظل الغطاء قائماً، والولاءات الإقليمية لبعض التيارات اللبنانية جعلتها تنخرط كليةً في خدمة اتجاه كان هدفه دائماً ضرب استقرار واستقلال الدول العربية، وسبّب هذا عتمةً سياسيةً طال أمدها على لبنان الدولة والشعب.

أما العتمة الأيديولوجية فهي احتكار تمثيل «الإسلام» و«المقاومة» باسم الحزب الإلهي والحق الإلهي الذي اقتحم بيروت 2008 وهدد السلم الأهلي بهجومه المسلح على مناطق سنيةٍ ومسيحيةٍ ودرزيةٍ، وعلى الرغم من ذلك استمرّ التحالف السياسي لتلقي العتمة بظلامها الدامس على البلاد.

القلق من تصعيد الحرب في غزة إلى حربٍ إقليمية بين إيران وإسرائيل، تقع لبنان في قلبه لأن «حزب الله» اللبناني يأتمر بأمر الخارج، وهذه معلومة يعرفها الجميع ويصرح بها قادة الحزب مفاخرين، وبسيطرة هذا التحالف على مقاليد السلطة في لبنان ازداد تغوّل الحزب، وبالتالي سيطرة الخارج وتزامن ذلك مع تخفيف الدعم العربي مادياً إلا ضمن شروطٍ لا تتوفر في لبنان للأسف الشديد.

قبل سنواتٍ اشتكى لبنان من تكدس النفايات في كل مكانٍ، ما شكل أزمةً حقيقيةً هددت صحة السكان وضربت سمعة البلد النظيف و«سويسرا الشرق» في الصميم، واليوم تضاف لها العتمة وانقطاع الكهرباء عن دولة بأكملها لا لكوارث طبيعية أو أزمةٍ عابرةٍ، بل نتيجةً لخيارات القادة السياسيين.

*نقلا عن الاتحاد

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين عتمتين لبنان بين عتمتين



إليسا تخطف الأنظار بإطلالات تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 21:52 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

طقوس صباحية بسيطة لدعم صحة الكبد تشمل احتساء القهوة

GMT 15:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأرجنتين: تصويت مصيري وتدخل أميركي

GMT 15:49 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 20:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رسميًا زواجها بعد جدل الوثيقة المسربة

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى

GMT 15:25 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الدولة الفلسطينية وعبث الدولة الإسرائيلية

GMT 15:13 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

من مهابة القمة إلى مهاوي السفح

GMT 15:18 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

انتخابات فرعية تغيّر المشهد السياسي البريطاني

GMT 20:40 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فريق مصري يدخل غزة للمساعدة في انتشال جثث الرهائن
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab