الشيخ «حبيب البسطاء»

الشيخ «حبيب البسطاء»

الشيخ «حبيب البسطاء»

 العرب اليوم -

الشيخ «حبيب البسطاء»

بقلم - د. محمود خليل

كان من الطبيعى أن يستولى صوت الشيخ رفعت وموهبته الربانية فى تلاوة القرآن على أذان أبناء الشعب من البسطاء الذين باتت مشاهد تزاحمهم على الأماكن التى يقرأ فيها من المشاهد المعتادة فى بر مصر.

لا يعنى ذلك بحال أن القراء الآخرين مثل على محمود، وأحمد ندا، وعبدالفتاح الشعشاعى، ومحمد الصيفى، وغيرهم، لم تكن لهم شعبية، على العكس تماماً فقد كان لهم جمهورهم الذى يذهب وراءهم فى كل مكان، لكن ظل «رفعت» الأكثر تميزاً لدى أبناء هذا الشعب، بسبب صوته الفريد، وأدائه المعجون بصدق الإحساس بكل معنى من معانى القرآن، بصورة تهز أوتار قلب السامع.

على المستوى الشعبى تمكَّن الشيخ محمد رفعت من أن يصبح القارئ الأول فى غضون سنوات قليلة من بدء رحلة التلاوة داخل مسجد فاضل باشا، لكن الأمر كان مختلفاً على المستوى الرسمى، فقد كان الزعيم سعد زغلول -على سبيل المثال- ممن يفضلون صوتَى الشيخ على محمود والشيخ محمود البربرى، ومال العديد من المثقفين وأفراد النخبة داخل المجتمع المصرى إلى صوت القارئ «أحمد ندا».

النفاذ إلى طبقة الحكم ساعد -إلى جوار الموهبة الكبيرة بالطبع- القارئ «أحمد ندا» على أن يكون قارئاً للسورة بمسجد السيدة زينب، وأدى بالشيخ «على محمود» إلى أن يكون قارئ السورة بمسجد الإمام الحسين. ولست بحاجة إلى أن أوضح لك الموقع الأدبى لهذين المسجدين بين مساجد القاهرة، وهو موقع كان يفوق بكثير مسجد فاضل باشا الذى ظل الشيخ محمد رفعت يقرأ فيه على مدار ربع قرن من الزمان، وحتى بعد أن انتبهت طبقة الحكم إلى تفرده فى تلاوة القرآن الكريم، ومست موهبته الربانية قلوبهم، لم يفكر فى ترك المسجد الذى شهد ميلاد موهبته إلى غيره من المساجد الكبرى بالقاهرة.

تُوفى الشيخ «أحمد ندا» عام 1932، بعد حياة حافلة فى خدمة القرآن الكريم، فى وقت كان فيه الشيخ «رفعت» فى قمة تألقه، ورغم ذلك ظل يقرأ داخل مسجد فاضل باشا، حيث ارتبط به جمهوره.

عاش الشيخ رفعت ملتصقاً بالبسطاء من المصريين، محباً لهم محبوباً منهم، ولم يمِل مثل الشيخ «أحمد ندا» إلى الحياة بين طبقة الحكم فى ذلك الوقت.

يقول شكرى القاضى فى كتابه «عباقرة القرآن فى القرن العشرين»: «لم يكن الشيخ أحمد ندا قارئاً عبقرياً فحسب، بل نجم مجتمع من الطراز الأول، يتمتع بمكانة مرموقة، ترفعه إلى مصاف الساسة والزعماء.

ولذا كان من الطبيعى أن يتحول قصره بالقرب من المسجد الزينبى إلى منارة علم ودين وملتقى لرجال الدين والثقافة وأهل الفن والصحافة يؤمه الشيخ زكريا أحمد، والشيخ البشرى، وعبدالوهاب، وأم كلثوم، وحافظ إبراهيم، والشيخ على محمود، والشيخ محمد رفعت، الذى تتلمذ على يديه».

فالشيخ «ندا» هو المؤسس الأول لدولة التلاوة فى القرن العشرين، وتتلمذ الشيخ رفعت على يديه مسألة ثابتة، لكن ما لم يلتفت إليه معاصرو الشيخين أن من الوارد أن يتفوق التلميذ على أستاذه.

وكان الشيخ على محمود أيضا من القريبين من طبقة الحكم فى زمانه، ساعده فى ذلك إجادته الإنشاد الدينى وأداء الأدوار الغنائية بالإضافة إلى تلاوة القرآن الكريم، وقد لقّب بسيد المنشدين، ويبدو أن لقب «سيد» كانت من الألقاب السائدة فى ذلك الحين، فهذا سيد القراء، وهذا سيد المنشدين، وهذا سيد الأصوات، وغير ذلك. وهذه الأوصاف كان يخلعها صحفيو هذا الزمان على القراء والمنشدين، وهو أمر أحياناً ما كان يغضب الشيخ محمد رفعت، الذى لم يكن قريباً من الصحافة خلال العقود الأولى من القرن العشرين، مثلما كان كل من الشيخ أحمد ندا، والشيخ على محمود.

arabstoday

GMT 13:52 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة فاشلة؟

GMT 13:47 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحزاب ليست دكاكينَ ولا شللية

GMT 13:45 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

«أبو لولو»... والمناجم

GMT 13:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ونصيحة الوزير العُماني

GMT 13:42 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سراب الوقت والتوأم اللبناني ــ الغزي

GMT 13:41 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هل ينجح ترمب في إنقاذ إسرائيل من نفسها؟

GMT 13:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مصرُ... التى من أجلها تُشرقُ الشمسُ

GMT 13:37 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

من القصر إلى الشارع!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيخ «حبيب البسطاء» الشيخ «حبيب البسطاء»



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
 العرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي
 العرب اليوم - واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا

GMT 18:51 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يؤكد أن شي جينبينغ يدرك عواقب غزو تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab