الحزب الثالث والمسار الديمقراطي الأميركي

الحزب الثالث.. والمسار الديمقراطي الأميركي

الحزب الثالث.. والمسار الديمقراطي الأميركي

 العرب اليوم -

الحزب الثالث والمسار الديمقراطي الأميركي

بقلم : إميل أمين

قبل أقلَّ من أسبوعين أطلق الفتى المعجزة، إيلون ماسك، نداءً للأمّة الأميركية يبشرهم بأن موعد الحرية الموعودة قد حان، وزمن الأسر السياسي بين حزبين كبيرين مهيمنَيْن على الساحة السياسية الأميركية، في طريقه للاضمحلال، وذلك عن طريق حزب أميركا الذي يسعى في تأسيسه لإنهاء معاناة الأميركيين، بحسب تعبيره.

صيحة ماسك في واقع الأمر تطلق العديد من الأسئلة في الفضاء السياسي الأميركي الداخلي، عن الهدف والتوقيت، النوايا والآليات، التاريخ والجغرافيا.

بالعودة إلى أيام تأسيس الولايات المتحدة، نجد تحذيرًا واضحًا من جورج واشنطن، أول رئيس للبلاد، في خطبته الوداعيّة، تحذيرًا ممّا أسماه التعصب والتمذهب لأفكار سياسية بعينها، الأمر الذي يمكن أن يشقَّ وحدة الأمة البازغة لتَوِّها، والمتحررة من الاستعمار الإنجليزي.

الأمر نفسه كرره الرئيس الرابع للبلاد جيمس ماديسون، الذي اعتبر أعمال الأحزاب بمثابة أداة خطيرة يمكن أن تَفُتّ في عضد الدولة الأميركية الوليدة.

على أن عجلة الحياة السياسية وقد قاربت اليوم من 250 عامًا، استقرت منذ نحو مائة عام عند حزبين كبيرين، الجمهوري والديمقراطي، اللذَيْن يشكّلان قوام الحياة السياسية الأميركية، بكل ما تحمله اليوم من انتصارات أو انكسارات.

هل فكرة إيلون ماسك عن حزب ثالث جديد في الداخل الأميركي، فكرة حديثة من نوعها؟

بدايةً، يمكن الإشارة إلى أن هناك قرابة عشرين حزبًا في الداخل الأميركي، وقد يكون حزب الخضر والدستوري والليبرالي أبرزها، لكن في واقع الأمر يظل حضورها هامشيًّا للغاية، ولم تفلح حتى الساعة في أن ترتقي معارج الحياة السياسية في صورتها الكبرى، بمعنى وصول أعضائها إلى مناصب قيادية متقدمة، ناهيك عن البيت الأبيض والفوز بمنصب الرئاسة، حتى وإن كان المرشَّحُ مليونيرًا مثل روس بيرو في انتخابات العام 1992.

لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن انتخابات الرئاسة للعام 2000، والتي جرت بين الحزب الجمهوري ومرشحه جورج بوش الابن، والحزب الديمقراطي ومرشحه ألبرت غور، نائب الرئيس بيل كلينتون لنحو ثماني سنوات، أفرزت نتيجة مؤكَّدةً وهي أن الحياة الحزبية الأميركية، ربما تحتاج إلى تجديد ومنافسة عبر طرف حزبي ثالث، يكون قادرًا على مشاغبة الأيقونات السياسية الأميركية التي تكلَّسَتْ منذ عقود طوال.

عطفًا على ذلك، فإن الكثير من الفساد السياسي داخل الحزبين الكبيرين، قد زَكَمَ أنوف الأميركيين، ولهذا تبدو فكرة حزب جديد مغرية للبعض، رغم الصعوبة الفعلية في بلورة الفكرة على أرض الواقع وتحويلها من عالم الخيال السياسي الخصب، إلى إجراءات عملية، تبدأ بتقديم مرشَّحين، وإعداد قوائم، والحصول على موافقات اللجنة الفيدرالية للأحزاب، والكثير من الإجراءات المُعَقَّدة للغاية.

على أنه ومهما يكن من شأن الأمور الإجرائية والصيغ القانونية للوصول إلى حزب ثالث قوي فاعل وناجز على الصعيد الأميركي، فإن السؤال المصيريَّ أو الإاستراتيجيَّ: "لماذا يتطلع إيلون ماسك لنشوء وارتقاء حزب أميركا؟".

قد يكون هذا في واقع الأمر السؤال الذي يتوجَّبُ تقديم جواب عنه، لا سيما أنه يكشف الغطاء عن العديد من النقاط المهمة في إدارة الرئيس ترامب الثانية.

أولًا: لم يبدأ ماسك في الحديث عن حزب أميركا قبل أن يطفو الخلاف بينه وبين الرئيس ترامب على السطح، غداةَ مغادرته للبيت الأبيض من جهة، وإقرار قانون ترامب "الكبير الجميل"، من جهة ثانية، وهو الأمر الذي أصاب شركة تسلا المملوكة لترامب بالكثير من الخسائر.

بدت العلاقة بين الرجلين وكأنها غرام أفاعي، وبلغة الداخل الأميركي، براغماتية مغرقة في الأنانية، فكل يسعى لتحقيق مآربه على حساب الآخر.

من دون شكٍّ، لعبت الملايين التي قدمها إيلون ماسك لترامب في الشهرين الأخيرين، دورًا كبيرًا في ضمان فوزه في مواجهة بايدن، وقد كان يحلم بتعويضات كبرى تمتدّ لأكثر من مهمة عاجلة وسريعة تتعلق بخفض الإنفاق الحكومي.

لكن الخلافات نشبت وبقوة بين الرجلين، وإن كانت حقيقتها لا تزال في طيِّ الكتمان، وما يطفو على السطح لا يعدو بعض أجزاء من الحقيقة ليس أكثر.

خلال الثلاثين يومًا الأولى لولاية ترامب الثانية، لم تتردد الصحافة الأميركية في أن تطبع على صدر صفحاتها الأولى العديد من الصور لماسك متربّعًا على عرش البيت الأبيض، فيما عنونت صحف ومجلات أخرى مطبوعاتها بعنوان "رئيس الظل".

نفى ترامب الأحاديث الشائعة والذائعة عن حلم ماسك في الوصول إلى منصب الرئاسة، انطلاقًا من أن الرجل مولود في جنوب أفريقيا وليس أميركيًّا بالمولد، ولهذا لا يحقُّ له الترشح للرئاسة، غير أنه من الواضح أن ماسك، الذي يعرف مثل هذه الحقيقة جيدًا، لم يعدم وسيلةً ربَّما للتعاطي مع الرئيس ترامب، لا بشكلٍ شخصيٍّ، بل بصورة حزبية.

القصة باختصار غير مخلٍّ، يمكن أن تصيب حزب الرئيس خلال انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، بمعنى تفريق أصوات الجمهوريين، بين أنصار ترامب وأتباع ماسك الذين يمكن أن يمضوا وراء فكرته الحزبية.

هل ظهر أنصار لفكرة "حزب أميركا"؟

يقول ماسك إن 80 % من الأميركيين يؤيدون فكرته عن حزب ثالث، غير أن الأمر على هذا النحو يتجاوز الحقيقة، فلا يمكن لاستطلاع رأي عبر منصة X لا يتجاوز عدد المستطلعين فيه ألف شخص، أن يعمم على دولة قارية يبلغ تعداد سكانها 340 مليونا.

لكن هذا لا يعني في ذات الوقت أن الفكرة لم تجد مؤيدين لهم اتجاهات حزبية مهمة، ويمكن أن تكتسب المزيد من الفاعلين في طول البلاد وعرضها.

على سبيل المثال، كتب أنتوني سكاراموتشي، مدير الاتصالات السابق في البيت الأبيض، والذي طرده ترامب بعد تعيينه بعشرة أيام عام 2017، يقول: "أودُّ أن ألتقي به لمناقشة الأمر"، وللقارئ أن يتخيل ما الذي يمكن لمدير اتصالات وسياسي أميركي مهمّ أن يزخم به ماسك وفكرته.

أما برايان كراسينشتاين، الشخصية البارزة على مواقع التواصل الاجتماع، والذي يتابعه أكثر من 900 ألف شخص، فوصف فكرة ماسك بالقول: "رائع ... أين يمكننا الاطّلاع على المزيد من المعلومات".

لم يتوقف الأمر عند السياسيين والمؤثرين على السوشيال ميديا، فقد اقترح تايلر بالمر، وهو مستثمر ومنتج في مجال التكنولوجيا، سياسات ينبغي على حزب أميركا تأييدها مثل تحديث الجيش باستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وأضاف إذا كانت هذه السياسات على المنصة، أي على منصة حزب أميركا "فأين نرسل تبرعاتنا؟".

هل من مفاتيح يمكن لماسك أن يشاغب بها قولًا وفعلًا ملايين الأميركيين؟

أولًا، دعونا نذكر بأمر مهم للغاية، وهو أن ماسك وخلال المائة يوم في البيت الأبيض، استطاع بالفعل تكوين فريق بات على مقدرة كبيرة من معرفة مقاليد أمور الحكومة الفيدرالية لدرجة أن البعض يعتقد أن فريقه هذا يمكنه إدارة شؤون البلاد في أي وقت.

هنا يبدو أن هناك من يرى أن أمورًا بعينها لو ركز ماسك على الاهتمام بها مثل مناصرة التجارة الحرة، وإعادة التوازن المالي الجذري، عطفًا على ضمان التفوق التكنولوجي والعلمي الأميركي، لأمكنه بالفعل رسم مساقات ديمقراطية أميركية جديدة.

تبدو السياسات الأميركية الداخلية تعيش عمق أزمنة الفوضى، الأمر الذي يشكل فرصًا لأي رجل أعمال سياسي وخاصة من يستطيع أن ينفق مليارات الدولارات بحرية على تجربة حزبية انتخابية أن يعيد تشكيل ملامح الديمقراطية الأميركية بصورة أو بأخرى.. دعونا ننتظر قادم أيام حزب أميركا.

arabstoday

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحزب الثالث والمسار الديمقراطي الأميركي الحزب الثالث والمسار الديمقراطي الأميركي



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 03:47 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف تأثير المشي في الوقاية من الزهايمر

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 20:17 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يتهم BBC بتزوير لقطات ضد ترامب

GMT 04:12 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مشروع أميركي لرفع اسم أحمد الشرع من قائمة عقوبات مجلس الأمن

GMT 05:01 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع المصري يطالب الجيش بأعلى درجات الجاهزية القتالية

GMT 10:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتكار جديد يعيد للأسنان التالفة صحتها دون الحاجة إلى جراحة

GMT 07:24 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات دبلوماسية أمام مشروع القوة الدولية في غزة

GMT 04:57 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مدفعية الاحتلال تقصف المياه اللبنانية قبالة الناقورة

GMT 04:49 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 6.2 يضرب إندونيسيا

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 05:19 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخصين بضربة أميركية استهدفت قارب مهربين في المحيط الهادئ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab