تعيشوا وتضوّوا

تعيشوا وتضوّوا

تعيشوا وتضوّوا

 العرب اليوم -

تعيشوا وتضوّوا

بقلم : نديم قطيش

نسف مشهد إضاءة صخرة الروشة بصور الأمينَين العامَّين الراحلين لـ”الحزب”، خلافاً لقرار الحكومة، كلّ أسباب الغضب الذي ثار على كلام الموفد الأميركي توم بارّاك حين قال: “اللبنانيّون يتكلّمون ولا يفعلون”.

أوّل ما سيتبادر إلى ذهن بارّاك ومورغان أورتاغوس، أنّ مشهد الروشة يؤكّد بدقّة متناهية استنتاجات الأميركيّين والإسرائيليّين بشأن عجز الدولة اللبنانية عن فرض سيادتها، واستمرار “الحزب” في تحدّي الشرعيّة الدستوريّة، وإخضاع ما تيسّر من مؤسّسات أو أجهزة وأفراد داخل المؤسّسات والأجهزة.

بعد الروشة جاء كلام رئيس الحكومة الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو من منبر الأمم المتّحدة مطابقاً حين قال: “أُثمّن إعلانها (الحكومة) هدفها المتمثّل في نزع سلاح “الحزب”. لكنّنا نحتاج إلى أكثر من مجرّد كلمات… حتّى حدوث ذلك، سنقوم بكلّ ما يلزم للدفاع عن أنفسنا والحفاظ على شروط وقف إطلاق النار التي أُرسيت في لبنان. هدفنا ليس مجرّد مراقبة تحرّكات “الحزب”، بل استباق أيّ انتهاك للهدنة أو أيّ هجوم علينا في أيّ وقت.”
أوّل ما سيتبادر إلى ذهن بارّاك ومورغان أورتاغوس، أنّ مشهد الروشة يؤكّد بدقّة متناهية استنتاجات الأميركيّين والإسرائيليّين بشأن عجز الدولة اللبنانية عن فرض سيادتها

مناورة تكتيكيّة يائسة

كان يمكن لِما حدث عند صخرة الروشة، معطوفاً على دعوة الأمين العامّ لـ”الحزب” نعيم قاسم إلى طيّ صفحة التوتّر مع السعوديّة، أن يؤسّس لولادة خطاب وطنيّ جديد، يحصّن البلد، عبر إقرار “الحزب” بأنّه تحت سقف الهويّتين اللبنانيّة والعربيّة. لكنّ ما جرى كشف بالأحرى عن مأزق “الحزب” الوجوديّ وحاجته للاحتماء المؤقّت بالهويّة اللبنانيّة والحاضنة العربيّة، لحماية سلاحه في الداخل ودوره الإيرانيّ في الإقليم.

فما كان يمكن أن يكون تغييراً حقيقيّاً انتهى إلى مجرّد مناورة تكتيكيّة يائسة لإعادة تأهيل صورة حزب مهزوم أمام حاضنته الشعبيّة وأمام الرأي العامّ اللبناني والعربي من دون أيّ تعديل في الجوهر، أو دروس مستفادة.

ما يزيد من خطورة هذا المشهد أنّ “الحزب” نجح، من خلال مناوراته، في تحويل الانتباه عن البند الجوهريّ، وهو نزع السلاح، إلى خلافات داخليّة بين مؤسّسات الدولة نفسها، وبين الجيش وقائده الذي شكره أحد أعتى قادة الميليشيا علناً، وبين رئيس الحكومة، كما بين الأخير ووزير الدفاع في حكومته.

إن كانت عراضة الروشة قد نجحت في شيء ففي إظهارها عجز الدولة وتأكيدها أنّ “الحزب”، رغم هزيمته الساحقة أمام إسرائيل، لا يزال يتصرّف حيال اللبنانيّين كأنّه أقوى من المؤسّسات الشرعيّة، وأنّه أمر واقع سياسي وأمنيّ، لا بديل للداخل اللبناني عن التعامل معه.
كان يمكن لِما حدث عند صخرة الروشة، معطوفاً على دعوة الأمين العامّ لـ”الحزب” نعيم قاسم إلى طيّ صفحة التوتّر مع السعوديّة، أن يؤسّس لولادة خطاب وطنيّ جديد

بيد أنّ كلفة هذا النجاح ستكون قاسية على لبنان و”الحزب” معاً. فإذا كانت الحكومة اللبنانيّة ورئاسة الجمهوريّة، بحسب استنتاجات إقليمية ودولية، تكتفيان بالتصريحات، وبخطط “مسلوقة”، وإذا كانوا جميعاً غير قادرين أو غير متوافقين (وهذا أخطر) على تطبيق قراراتهم، فلماذا تعتبرهم واشنطن شريكاً موثوقاً؟

أمّا من ناحية إسرائيل، فإنّ مشهد الروشة يحمل رسالة مزدوجة. من جهة، يؤكّد أنّ “الحزب” يمرّ بأزمة حقيقيّة تدفعه إلى البحث عن مخارج سياسيّة لوضعه اللبناني، ما يعني أنّ الضغط العسكري الإسرائيلي قد أتى أُكُله. ومن جهة أخرى، يظهر أنّ “الحزب” لم يتخلَّ بعد عن مشروعه، بل يحاول إعادة تموضعه ضمن أطر جديدة.

هذا التقييم يدعم الموقف الإسرائيلي الذي عبّر عنه نتنياهو بوضوح، وهو أنّ إسرائيل ستتكفّل بشكل أحاديّ في إنضاج شروط نزع سلاح “الحزب” نهائيّاً.

مصلحة لبنانيّة خالصة

يطرح مشهد الروشة، بكلّ ما يحمله من رمزيّات ومناورات سياسيّة، على اللبنانيّين سؤالاً وجوديّاً: هل يريدون دولة حقيقيّة قادرة على حماية مصالحهم وتحقيق طموحاتهم، أم يفضّلون الاستمرار، مرّة في وهم “المقاومة” التي لا تقاوم إلّا مصالح اللبنانيّين أنفسهم، ومرّات في مسايرة ميليشيا مسلّحة خوفاً على سلم أهليّ مفخّخ؟!

قد يكون نتنياهو وجهاً قبيحاً لفكرة السلام بين لبنان وإسرائيل، كما دعا في خطاب الأمم المتّحدة. لكنّ هذا الأفق ليس ترفاً دبلوماسيّاً أو خيانة وطنية، بل ضرورة استراتيجيّة تفرضها الوقائع الجيوسياسيّة الجديدة في المنطقة. فالصراع اللبناني-الإسرائيلي، على عكس النزاعات الأخرى في المنطقة، يفتقر إلى العِقد التاريخيّة العميقة التي تجعل حلّه مستحيلاً.
لا بدّ من مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل لحلّ ما يمكن حلّه وهو كثير، والتمهيد، لإقفال جبهة جنوب لبنان وتصفية فكرة المقاومة كعقيدة سياسيّة قائمة بحدّ ذاتها

لا توجد مسألة أراضٍ محتلّة بالمعنى التقليدي، ولا مستوطنات، ولا ادّعاءات دينيّة متضاربة حول الأراضي اللبنانيّة. إنّ ما يحول دون السلام هو فقط وجود ميليشيا مسلّحة تحمل أيديولوجية “خمينيّة” عن عقيدة الصراع الأبديّ مع إسرائيل.

هذه الحقيقة تجعل من نزع سلاح “الحزب” ليس مجرّد مطلب أمنيّ إسرائيليّ أو أميركيّ، بل مصلحة لبنانيّة خالصة. فاستمرار وجود هذا السلاح يعني استمرار حالة “اللاسلم واللاحرب” التي تستنزف الموارد اللبنانيّة وتُغرق لبنان في حالة من التعفّن الأمنيّ والسياسيّ والاقتصاديّ والمجتمعيّ.

إقرأ أيضاً: “الحزب” على صخرة الروشة: البحرُ والغرقُ… والعُزلة

لا بدّ من مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل لحلّ ما يمكن حلّه وهو كثير، والتمهيد، لإقفال جبهة جنوب لبنان وتصفية فكرة المقاومة كعقيدة سياسيّة قائمة بحدّ ذاتها. البديل هو تجدّد الحرب خلال أشهر قليلة، بعد مضيّ نحو ثلاثة تقارير شهريّة، من التقارير التي تعهّد الجيش اللبناني بتقديمها وفق خطّته التي “رحّبت” بها الحكومة. ستكشف هذه التقارير أنّ التقدّم على الأرض وهميّ وستُستخدم كمبرّر لاستئناف الضربات وإظهار كم أنّ “الحزب” فقد من لياقته العسكرية ومبرّرات وجوده.

وحينها.. تعيشوا وتضوّوا …

arabstoday

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

يتيمة العصر

GMT 09:54 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك... المُطلق

GMT 09:52 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نحن وتاريخنا...

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ممرٌ ترابي في اتجاهين

GMT 09:47 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب ــ آسيا... بين المواجهة والتفاوض

GMT 09:46 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» تفاوض على استبعادها

GMT 09:38 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

من هم الملونون بحق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعيشوا وتضوّوا تعيشوا وتضوّوا



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab