طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

 العرب اليوم -

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

بقلم: جبريل العبيدي

طرابلس العاصمة الليبية أسيرة لمجموعة من الميليشيات المسلحة ذات طابع إجرامي وبعضها متطرف حيث تتوزَّع فيها ولاءات الميليشيات بين الإسلام السياسي المتطرف وآخر إجرامي للدفع المسبق، وغالباً ما يشارك الآخر الآخر الإجرامي ميليشيات الإسلام السياسي في القبضة على العاصمة الليبية مقابل المال.

الميليشيات أغلبها يدَّعي تبعيته للدولة ويرتدي الملابس العسكرية، وتنقسم تبعيتها الشكلية تحت وزارات مثل الداخلية أو الدفاع، بينما هي جماعات غير منضوية تحت سلطة الدولة، والغالبية منها متهمة حسب تقارير منظمات حقوقية دولية بارتكاب جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان، بل وبعضها متورط في سوق النّخاسة وتجارة الهجرة غير النظامية وتهريب الوقود.

سيطرت الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير (شباط) 2011 الذي انتهى بالفوضى وانتشار السلاح، حيث لم يكن هناك أي نية صادقة أو جهد صادق للملمة الفوضى من قبل حلفاء «الناتو» الذين أسقطوا الدولة الليبية لتنهشها الميليشيات المؤدلجة وميليشيات الإسلام السياسي التي تأتمر بأوامر من الخارج.

سطوة الميليشيات وسيطرتها على طرابلس لا أحد ينكرهما وبلغت حدَّ أنَّها خطفت رئيس الحكومة من مقر إقامته، وكادت تقتله لولا تدخل السفارة التي يحمل جنسيتها رئيس الحكومة في حينها، إذ وجهت رسالة شديدة اللهجة أخافت الميليشيات المذعورة، كيوم ذكرهم حين خرجت قافلة السفارة الأميركية أثناء اشتباكات فجر ليبيا بين الميليشيات في طرابلس.

طرابلس المدينة التي دحرت الغزاة وصاحبة هذا التاريخ الطويل هي اليوم أسيرة لميليشيات الإرهاب والإسلام السياسي العابرة للحدود، في ظل تغافل دولي لا يمكن تفسيره بمعزل عن توطين الفوضى، ضمن مشروع بدأ من مخطط كوندوليزا رايس لنشر الفوضى «الخلاقة» التي كان مشروعها سيطرة الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير 2011.

الميليشيات ليست حالة طرابلسية، فهناك أكثر من 300 ميليشيا مسلحة في عموم ليبيا، إلا أن وجود الميليشيات في طرابلس التي هي العاصمة وموطن الحكومة، يجعل من الحكومة رهينة لها، وتحت سطوتها وابتزازها، حيث تتقاسم الميليشيات ابتزاز الوزارات، بل والتحكم في قراراتها وصرف أموالها.

الميليشيات في العاصمة تشكَّلت على أساس المال والمصالح المشتركة، وأخرى جهوية مثل ميليشيات تنتمي لمدينة مصراته وأخرى لمدينة الزنتان، وهي تتنافس على تقاسم النفوذ في العاصمة، وإن كان أغلب الميليشيات في طرابلس تشكل على أساس آيديولوجي مثل ميليشيات الإسلام السياسي التي تتحالف مع ميليشيات المال والنفوذ التي تتنقل في ولائها بين مختلف أنواع الميليشيات مثل ميليشيا «ثوار» طرابلس لتحقيق قدر من المغالبة على باقي الميليشيات، وذلك لأن ميليشيات الإخوان والمقاتلة (فرع «القاعدة» الليبي) حاضنتها المجتمعية ضعيفة، ولا تكاد تذكر بين سكان طرابلس، ولهذا تجد في تحالفها مع ميليشيات النهب والمال الأسود قوة تساعدها على قهر السكان وفرض سيطرتها.

ما يؤلم هو أنَّ طرابلس عمر المختار والسرايا الحمراء وميدان الشهداء وميدان الغزالة، وسيبتموس سيفيروس، أسيرة ميليشيات الدفع المسبق، التي تريد السيطرة على العاصمة من أجل النفوذ والمال، بأوامر من التنظيم الدولي، فأصبحت السيطرة على المال الليبي عبر السيطرة على العاصمة، وجعل أي حكومة فيها رهينة عند هذه الميليشيات بين الابتزاز والخطف والاغتيال؛ منهج الميليشيات في التعاطي مع أي حكومة في العاصمة لا ترضخ لمطالب أمراء الميليشيات، وما الميليشيات إلا أدوات لنهب المال الليبي لتمويل مشاريع تتعدى الأراضي الليبية.

طرابلس اليوم تبتلعها نيران الميليشيات، وتغيب فيها سلطة الدولة وسط سطوة المدافع والبنادق، وارتهان القرار السياسي في مؤسساتنا لتوازنات قوى خارجية تتقاسم النفوذ، ومواردنا النفطية، وتُنهب خزائن المال العام، حتى محاولات توظيف وقف إطلاق النار في ليبيا على أنه إنجاز للقوى المحلية، في الواقع هو إنجاز للقوى الخارجية والمتحاربة بالوكالة في ليبيا.

لكن السؤال البارز هو: هل الخريطة السياسية والمتغيرات الإقليمية والدولية عاجزتان معاً عن رفع الحماية عن الميليشيات، وإخراج المرتزقة بشتى مسمياتها وجنسياتها لتعود طرابلس عروس البحر المتوسط، ويتنفس أهلها والبلاد كلها الصعداء، بعد كل هذا العبث والفوضى والتلاعب بحياة البشر وإهدار ثرواتهم؟

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة

GMT 00:46 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

توقعات الأبراج اليوم الإثنين 19مايو / أيار 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab