رحيل صاحب البيريسترويكا

رحيل صاحب البيريسترويكا

رحيل صاحب البيريسترويكا

 العرب اليوم -

رحيل صاحب البيريسترويكا

بقلم :د. جبريل العبيدي

بينما يبدو غورباتشوف قائداً «عظيماً» في نظر الغرب يبدو «خائناً» في نظر أنصار الحزب الشيوعي. إن رحيل ميخائيل سيرغيفيتش غورباتشوف، «أول وآخر» رئيس للاتحاد السوفياتي، يثير الجدل خلفه، فهو صاحب البيريسترويكا التي أدت إلى تفكك الاتحاد السوفياتي لدرجة أن وصفه قادة الحزب الشيوعي بأنه من «جلب المحنة والحزن والبؤس». وكان غورباتشوف ترأس الاتحاد السوفياتي في أعوام 1985 - 1991 بينما يراه آخرون قائداً مختلفاً ومنهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي وصفه بـ«القائد النادر» الذي ساهم في «جعل العالم أكثر أماناً»، وقال عنه إنه شريك للرئيس رونالد ريغان في وقف سباق التسلح بين القطبين؛ إذ بعد أن كانا عدوين لدودين أصبحا صديقين. كما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ«رجل دولة فريد غيّر مسار التاريخ».

رحل غورباتشوف بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على تفكك الاتحاد السوفياتي، تلاحقه لعنة أنصار الشيوعية، فهو المتهم الرئيس في تفككه وتفكك حلف وارسو خلال فترة الحرب الباردة وسباق التسلح. حاول غورباتشوف محاكاة الليبرالية الغربية في بلاد كانت تحكمها الشيوعية والديكتاتورية المطلقة، منذ زمن الثورة البلشفية ولينين إلى زمن بيريسترويكا غورباتشوف، التي ينسبها البعض لغير أفكاره مدعين أنها «مخطط استخباراتي» لإسقاط القطب الثاني أو الأول مكرر، كما كان يرى قادته من لينين إلى بريجنيف.

البيريسترويكا كما يصفها غورباتشوف في كتابه بالتفكير الجديد في بلاده والعالم، هي البيريسترويكا المشروع الذي تبناه الرئيس غورباتشوف التي تعني «إعادة الهيكلة» ومحاولة إعادة بناء اقتصاد الاتحاد السوفياتي والبدء في مشاريع شراكة اقتصادية انتهت ببيع القطاع العام بأبخس الأثمان وتسببت في مزيد من حالة الفقر والفشل الاقتصادي وليس النجاح الذي تخيله الجيل الشاب الذي راهن على الشاب غورباتشوف، فقد كان صعود ميخائيل غورباتشوف أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي ثم رئيساً للاتحاد السوفياتي، مثاراً للجدل والسؤال في حينها لصغر سن غورباتشوف مقارنة بيوري أندروبوف وقسطنطين تشيرنينكو الطاعنين في السن.

صعود نجم ومكانة غورباتشوف داخل الحزب الشيوعي، بالمقارنة مع رؤساء الاتحاد السوفياتي السابقين، كانت مثار جدل، فجميعهم كانوا أصحاب مكانة وتاريخ طويل داخل الحزب، بالإضافة إلى كبر سنهم، فهناك من قال إن تولي غورباتشوف أمانة الحزب الشيوعي ثم رئاسة الاتحاد السوفياتي بمثابة الانقلاب من الداخل على عجائز الحزب وقادته الراديكاليين، ولكن هذا التغيير أو الانقلاب سرعان ما جر خلفه مشروعاً انتهى بتفكيك اتحاد بحجم الاتحاد السوفياتي، ومن ثم لا يمكن القبول بأن ما حدث كان وليد الصدفة أو سوء الاختيار أو محاولة تغيير سرعان ما فشلت.

أيضاً بالنسبة إلى صعود غورباتشوف ومشروع البيريسترويكا، هناك من المحافظين الروس وأنصار الاتحاد السوفياتي من اتهم الولايات المتحدة، بأنها من كانت وراء المشروع لتفكيك خصمها الأوحد «الاتحاد السوفياتي» الذي أصبح بفضل سياسات ميخائيل غورباتشوف في خبر كان في بضع سنين. غورباتشوف الذي عاش تلاحقه لعنة البيريسترويكا صرح قبل وفاته قائلا «إن دولاً تحاول أن تهيمن على العالم على نحو انفرادي مثل الولايات المتحدة تحتاج إلى عملية بيريسترويكا لإصلاح أوضاعها»، ونسي أو تناسى أنه لولا البيريسترويكا التي جاء بها ما كان للولايات المتحدة أن تصبح القطب الأوحد. ليبقى السؤال: هل نجح غورباتشوف في إعادة البناء كما سماها «البيريسترويكا» أم نجح في هدم الاتحاد السوفياتي، وهو الإنجاز الأوحد له، رغم تفاخره بما سماها «إنجازاته» ولكن التاريخ سوف يحكم ما إذا كان غورباتشوف حقق إنجازات تنكر لها الروس أم كان مجرد مخدوع نفذ مخططاً غربياً في بلاده.

 

arabstoday

GMT 08:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

GMT 08:54 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أشغال شقة (الكوميديا) الطازجة!

GMT 08:51 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أظرف ما فى الموضوع

GMT 08:47 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

سجال فتح وحماس

GMT 08:44 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

هجمات سيبرانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل صاحب البيريسترويكا رحيل صاحب البيريسترويكا



النجمات يستعرضن أناقتهن في شهر رمضان بالعبايات الراقية

القاهرة -العرب اليوم

GMT 08:05 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

غويتريش يُحذر من شبح مجاعة وشيكة يطوق قطاع غزة
 العرب اليوم - غويتريش يُحذر من شبح مجاعة وشيكة يطوق قطاع غزة

GMT 17:20 2024 الأحد ,17 آذار/ مارس

ثوران بركاني جديد في أيسلندا

GMT 01:20 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

قوات الاحتلال الاسرائيلي تداهم شرق قلقيلية

GMT 04:38 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أفضل ألوان الطلاء لغرف النوم وفقاً لبرجك

GMT 22:13 2024 السبت ,16 آذار/ مارس

محمد صلاح يحدد شرطين للتجديد مع ليفربول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab