السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل
مجلس الأمن يبحث تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض مجلس الوزراء اللبناني طالب الدول الضامنة بالضغط باتجاه تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل مجلس السيادة في السودان ينفي وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في واشنطن دولة الإمارات تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعي قانونين لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة نتنياهو يشيد بدور ترامب في التعاون مع الدول العربية للمساعدة في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من غزة أحياء وزير الخارجية القطري يؤكد ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان تطبيق اتفاق غزة بما يحقق السلام المستدام والاستقرار في المنطقة ألوية العمالقة في اليمن تعلن ضبط سفينة إيرانية محملة بأسلحة ومنتجات إيرانية كانت متجهة إلى الحوثيين قرب باب المندب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يقول إن الولايات المتحدة هي أعظم صديق لإسرائيل ويعبّر عن امتنانه لإدارة ترامب على دعمها المستمر زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب جزيرة رودس اليونانية
أخر الأخبار

السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل

السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل

 العرب اليوم -

السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل

عثمان ميرغني
بقلم - عثمان ميرغني

هل كان اللقاء المثير للجدل بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا مطلع الأسبوع الحال، مفاجئاً حقاً، أم أنه كانت هناك مؤشرات غفلنا عنها؟

الإجابة هي نعم ولا.

نعم، لأنه لم يتسرب شيء عنه إلا بعد أن كشفه الإسرائيليون بعد حدوثه، وأيضاً لأنه لم يكن متوقعاً أن تأتي مثل هذه الخطوة من الفريق البرهان بحكم أن صلاحياته كرئيس لمجلس السيادة لا تبيح له ذلك. ولا، لأن اللقاء ليس أول اتصال بين مسؤولين من البلدين، ولأن أجواء «صفقة القرن» جعلت الأميركيين والإسرائيليين يبحثون عن أي إشارات تطبيع يمكن التقاطها واستخدامها في التسويق السياسي والإعلامي للصفقة، وظروف السودان الاقتصادية الحرجة تجعله عرضة للضغوط في سوق المقايضات السياسية ولعبة المصالح في السياسة الدولية.

تفكير البرهان ومن معه من الأطراف السودانية المحدودة التي كانت على علم بالترتيبات، وهناك بالتأكيد من يستحيل تصديق أن الرجل لم يطلعهم على مثل هذه الخطوة، بأنها ستبقى طي الكتمان، فيه سذاجة سياسية. فالسودان ليس بذاك البلد المهم استراتيجياً الذي يتمتع بثقل كبير يجعل إسرائيل تحرص على الحفاظ على سرية الاتصالات به بناء على طلبه. فكل ما يريده نتنياهو الآن هو توظيف أي لقاء مع مسؤول عربي ولو كان على مستوى سفير، لأغراض سياسية وانتخابية تساعده لكي يفوز بولاية جديدة ولكي يخرج من ورطة الفضائح التي تحاصره داخلياً وتهدد مستقبله السياسي، بل تلوح له باحتمال السجن على غرار سلفه إيهود أولمرت الذي أرسل إلى السجن بتهم فساد. ومنذ إعلان «صفقة القرن» مع الرئيس دونالد ترمب، كان واضحاً أن نتنياهو سيعمل للترويج لها إعلامياً وسياسياً بأي طريقة تصب في صالح مسعى إعادة انتخابه. فالصفقة برمتها، وطريقة وتوقيت إعلانها، بدت للمتابعين بمثابة مسعى للكسب السياسي من سياسيين يواجهان متاعب داخلية ويبحثان عما يخطف الأضواء.

من هذا المنطلق لم ينتظر نتنياهو طويلاً لكي يكشف عن اللقاء مع البرهان ويوقعه في حرج بالغ، بل في ورطة سياسية. وأمام الجدل الواسع الذي تفجر، اضطر رئيس المجلس السيادي الانتقالي لإصدار بيان عبر مكتبه أولاً، ثم ألحقه بعد يوم مع استمرار الجدل ببيان صحافي قرأه متحدث عسكري، وهذه فيها دلالة ورسالة للإيحاء بأن الجيش يدعم الخطوة، ثم عقد في اليوم نفسه لقاء مغلقاً مع عدد من رؤساء تحرير الصحف والمراسلين. كل هذا يوحي بحجم الضغط الذي يشعر به جراء ردود الفعل من القوى السياسية، ولا سيما «قوى الحرية والتغيير» الحاضنة لهياكل السلطة الانتقالية والمعبرة عن قوى الثورة. كما أنه يشعر أن هناك من يريد حرقه سياسياً، لذلك كان إبلاغه الصحافيين أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك كان على علم باللقاء، مثلما كان الكلام عن أن الجيش يدعم الخطوة.

الحديث عن أن حمدوك كان على علم باللقاء قبل عقده، هدفه الرد على البيانات التي اتهمت البرهان بأنه انتهك الوثيقة الدستورية المنصوص فيها أن السياسة الخارجية من مهام السلطة التنفيذية، وكذلك للقول إن الشق المدني في الحكومة أبلغ بالخطوة، وبالتالي لا يجب تفسيرها على أنها تحرك من العسكريين لقضم صلاحيات ضمن خطوات انقلابية متدرجة. المسألة أيضاً فيها توريط لرئيس الوزراء بعدما أعلن وزير الإعلام يوم الثلاثاء أن الحكومة لم تكن على علم باللقاء ولم ينسق معها، كما قالت وزيرة الخارجية إنها لم تبلغ به. وبذلك يكون المكون العسكري وضع حمدوك في حرج أمام أعضاء حكومته الذين لم يدروا إلا من الإعلام، وكذلك مع قوى الحرية والتغيير والقوى السياسية التي ركزت على أن الخطوة فيها تغول على صلاحيات السلطة التنفيذي ورئيسها حمدوك.

البرهان برر الخطوة في كل الكلام المباشر أو غير المباشر الصادر عنه بـ«المصلحة الوطنية العليا، وظروف السودان الضاغطة، والمخاطر الدولية التي تحتاج مثل هذه الخطوة الجريئة»، وهو كلام لدرء الانتقادات وللقول للناس إن الخطوة حتّمتها ضرورات الوضع الاقتصادي والمالي المتهالك، والضغوط الأميركية في التلكؤ في رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وبالتالي وضع العراقيل أمام حصوله على القروض والمساعدات التي يحتاجها من المؤسسات المالية الدولية. وهذه التبريرات قد تجد آذاناً صاغية من قطاع يمكن أن يكون كبيراً من السودانيين المنقسمين بشدة إزاء هذا الموضوع بالغ الحساسية، بالنظر إلى موقف السودان تاريخياً إزاء القضية الفلسطينية، والشرخ الذي حدث عربياً في قضية التطبيع.

الواقع أن مثل هذا اللقاء كان يمكن أن يحدث في عهد الرئيس المعزول عمر البشير إذ جرت اتصالات بل عقدت لقاءات على مستوى مسؤولين أمنيين، وحدث ترويج وكلام في الإعلام حول قضية التطبيع، وكانت الحكومة تواجه أيضاً ضغوطاً للمضي في الخطوة تحت وطأة الضغوط الاقتصادية الطاحنة والعقوبات الأميركية. كما أنه للتذكير أيضاً جرت اتصالات في عهود أخرى سابقة لعل أشهرها ما تمخض عن صفقة ترحيل اليهود الفلاشا من إثيوبيا إلى إسرائيل عبر السودان بالتنسيق مع حكم الرئيس الراحل جعفر نميري، وتلك في تقديري كانت خطوة لا تقل خطورة عن مسألة التطبيع بمعايير ذلك الوقت. ومعلوم أيضاً أن نظام نميري تعاطف مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما قام بزيارته إلى إسرائيل، وعندما وقع معاهدة السلام وواجه المقاطعة العربية.
السؤال ماذا يمكن أن يجني السودان اليوم من اللقاء مع نتنياهو؟ وهل ستكون إسرائيل هي الوسيط وهي المدخل لحل مشكلاته مع واشنطن؟ الرد على ذلك موجود في ثنايا سؤال آخر أهم، وهو هل كل الدول التي طبّعت مع إسرائيل حلت مشكلاتها ودخلت في بحبوحة نتيجة ذلك؟!

لو كان الناس يعلقون كل آمالهم على «فوائد» التطبيع، ويتوقعون أن يحل لهم كل مشكلاتهم الاقتصادية، فإنهم سيصابون بخيبة أمل كبرى، وهناك أمثلة حية، بعضها قريب جداً، مثل جنوب السودان. صحيح أن الخطوة قد تساعد في رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، لكنها لن تحل كل مشكلاته وأزماته المعقدة، كما أن واشنطن لن تقدم له، ما لم تضمن أنه أوفى بوعد التطبيع ولم يتوقف في محطة لقاء أوغندا وحسب.

حل مشكلات السودان يبدأ من الداخل، ومن توجيه كل الطاقات نحو التنمية الذاتية، فلا ينبغي أن يهمل ذلك، ويتعلق الناس بقشة التطبيع. كما أن موضوعاً بهذا الحجم لا بد أن يطرح لنقاش علني شفاف في كل الأحوال بدلاً من أن يقرر في الكواليس، ويفتح الباب لمشكلات أكبر وأخطر في ظل الشد والجذب الحاصل في البلد.

وإذا صرفنا النظر قليلاً عن جدل جدوى التطبيع من عدمه، فإن الطريقة التي تم بها لقاء البرهان مع نتنياهو تثير أسئلة جدية ومخاوف حقيقية، وتفتح جدلاً له انعكاساته على العلاقات بين أركان الحكم الانتقالي داخل هياكل السلطة وخارجها. هذا ما يستدعي مكاشفة حول الأمر، ووضع الحقائق أمام الناس، حتى يجري نقاش صريح يدرأ المخاطر ويمنع المزايدات.

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل السودان وسؤال التطبيع مع إسرائيل



النجمات يتألقن ببريق الفساتين المعدنية في مهرجان الجونة 2025

الجونة ـ العرب اليوم

GMT 18:48 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

منظمة الصحة العالمية تؤكد ان الوضع في غزة لا يزال كارثيا
 العرب اليوم - منظمة الصحة العالمية تؤكد ان الوضع في غزة لا يزال كارثيا

GMT 13:40 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون
 العرب اليوم - الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون

GMT 09:29 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتهم حماس بالتماطل في تسليم جثث الرهائن

GMT 14:49 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الذهب في مصر يعاود الارتفاع متجاوزاً التسعير العالمي

GMT 11:23 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

زيت شائع يعزز قدرتك على مكافحة السرطان

GMT 08:15 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب موغلا جنوب غرب تركيا

GMT 22:00 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

وائل جسار يكشف حقيقة رفضه ألبوم محمد فؤاد بسبب الأجر

GMT 10:44 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جماهير ليفربول تفاجىء محمد صلاح بعد أزمة الصورة

GMT 07:14 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تفرض عقوبات على أكبر شركتي نفط روسيتين

GMT 05:09 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

بدر عبد العاطي يروي تفاصيل رحلته إلى أروقة الدبلوماسية

GMT 10:06 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عمر مرموش يزين قائمة أغلى لاعبي العالم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab