هل يكون انفصال دارفور حلاً
مجلس الأمن يبحث تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض مجلس الوزراء اللبناني طالب الدول الضامنة بالضغط باتجاه تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل مجلس السيادة في السودان ينفي وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في واشنطن دولة الإمارات تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعي قانونين لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة نتنياهو يشيد بدور ترامب في التعاون مع الدول العربية للمساعدة في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من غزة أحياء وزير الخارجية القطري يؤكد ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان تطبيق اتفاق غزة بما يحقق السلام المستدام والاستقرار في المنطقة ألوية العمالقة في اليمن تعلن ضبط سفينة إيرانية محملة بأسلحة ومنتجات إيرانية كانت متجهة إلى الحوثيين قرب باب المندب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يقول إن الولايات المتحدة هي أعظم صديق لإسرائيل ويعبّر عن امتنانه لإدارة ترامب على دعمها المستمر زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب جزيرة رودس اليونانية
أخر الأخبار

هل يكون انفصال دارفور حلاً؟

هل يكون انفصال دارفور حلاً؟

 العرب اليوم -

هل يكون انفصال دارفور حلاً

بقلم - عثمان ميرغني

تداعيات الحرب في السودان كثيرة وخطيرة، ومنها خطاب الجهوية والكراهية والعنصرية الذي ارتفعت وتيرته، ومنها أيضاً الكلام المتداول في عدد من منتديات السودانيين ومجالسهم ودعوة بعض الشماليين في لحظات غضبهم وإحباطهم من الدمار الذي حل بالخرطوم، لفصل إقليم دارفور لأنه أصبح في نظرهم عبئاً ثقيلاً، وبؤرة للصراعات والمشاكل التي عانى السودان كلّه من تبعاتها وأنهك بسببها.

     

 

             

 

الدعوة لفصل الإقليم بدت في ظل ضغوط الحرب المتزايدة، هي المخرج و»الحل السهل». فما دام التعايش بات صعباً، وتكلفته باهظة، فلماذا الإصرار على الاستمرار فيه؟ وبدلاً من ذلك ربما التفكير في طلاق سلمي يوفر على الناس المعاناة والمزيد من الحروب التي قد تفضي في النهاية إلى انفصال دموي وفوضوي. هكذا يجادل البعض، بينما يذهب آخرون في اتجاه حلول تحافظ على وحدة البلد عبر نظام رئاسي أو برلماني فيدرالي، أو حتى بصيغة فضفاضة وصعبة مثل الكونفدرالية التي لا أحسب أن تكوين السودان الهش، يتحملها.

في مواجهة المغالين في طروحاتهم في الشمال هناك أيضاً أصوات متطرفة في دارفور تمعن في الهجوم على الشمال، مستخدمة خطاب التهميش، والحديث عن امتيازات تاريخية تمتع بها أهل المركز، وعن أربع قبائل تسيطر على البلد وتتداول الحكم فيه عسكرياً كان أو مدنياً.

الحقيقة أن قضايا الهامش كلمة حق أريد بها باطل، مثلما رأينا في التشويه الذي حدث لهذا المفهوم، وكيف بات يستغل في سباق الكراسي والمغانم لا في دارفور وحدها، وإنما في مناطق أخرى من السودان. دارفور وإن عانت من مشاكل الفقر والتنمية غير المتوازنة وشكت مما تراه تمثيلاً غير عادل في السلطة المركزية، فإنها ليست وحدها في هذا الحال، وهناك مناطق كثيرة في الشمال مهمشة أكثر منها، ويعيش سكانها ظروفاً أقسى، لكنهم لم يرفعوا السلاح وتمردوا ضد الدولة، أو هددوا بتدمير الخرطوم.

قضية التهميش عندما انطلقت كقضية سياسية مطلبية في دارفور، أثارها نواب الإقليم في البرلمان منذ الستينات، ثم تلقفها آخرون واشتطوا بها ليجعلوها راية لإنشاء حركات مسلحة تمردت وقاتلت ضد السلطة المركزية في الخرطوم، وضد السلطة الولائية في الإقليم. وبسبب مزيج من سياسات الحكومات المتعاقبة، وانحراف بعض قيادات الحركات الدارفورية عن مطالب الناس الحقيقية والسلمية، وتسخيرها في لعبة السلطة للحصول على المناصب والمكاسب، لم يعرف الإقليم طعم الاستقرار منذ فترة طويلة، بل غرق في دوامة العنف والصراعات، بعضها ناجم عن الصراعات الداخلية بين مكوناته وقبائله المتعددة، وبعضها ناجم عن سياسات حكومية خاطئة وقصيرة النظر.

بعض الذين يروجون لخطاب الانفصال سواء من الدارفوريين أو من الشماليين، يحاولون العودة بالتاريخ أكثر من ثلاثة قرون إلى الوراء عندما كانت دارفور سلطنة مستقلة، شأنها شأن ممالك أخرى في تلك الفترة، وذلك لتبرير دعوتهم لفصلها اليوم باعتبار ذلك هو الحل في نظرهم. لكن هذا المنطق المعوج لو أخذنا به وطبقناه فسوف يعني تقسيم السودان وطي تاريخه منذ توحده في حدوده المعروفة اليوم. بل إن هذا المنطق لو طبق في العالم لكانت النتيجة إعادة كتابة التاريخ ورسم كل الخرائط وتأجيج حروب لا تنتهي.

سمعت تسجيلات كثيرة، وقرأت موضوعات وآراء لعدد من أبناء دارفور وغرب السودان عموماً، يتصدون فيها للخطاب الجهوي الصادر من بعض الدارفوريين، ومن مجندين في الحركات المسلحة للهجوم على الشماليين. لكن مثل هذه الأصوات الواعية من دارفور لا تزال قليلة وخافتة، والتصدي لحملات التأجيج يتطلب جهداً أكبر لا من الشماليين وحدهم، بل من الدارفوريين أيضاً، ومن كل النخب في بقاع السودان إذا أردنا الحفاظ على وحدة البلد.

الذين يرفعون خطاب الجهوية لا يمثلون أغلبية أهل دارفور، بل أكاد أجزم بأنهم الأقلية. فدارفور لا تعيش كرقعة معزولة في السودان، وكثير من أهلها انتقلوا إلى مناطق أخرى في السودان، ومنها الخرطوم، انصهروا فيها وعاشوا في أمن وسلام بين الناس.

كذلك فإن حملة السلاح لا يعبرون عن كل دارفور، ويضرون قضيتها أكثر مما يخدمونها. لقد عبر عن الإقليم وقضاياه بشكل أقوى عدد مقدر من النخبة الواعية التي انخرطت في العمل السياسي السلمي مثل الراحل أحمد إبراهيم دريج مؤسس جبهة نهضة دارفور ورئيسها في ستينات القرن الماضي، والذي أصبح نائباً برلمانياً ثم وزيراً للعمل عن حزب الأمة، ثم زعيماً للمعارضة في الجمعية التأسيسية (البرلمان) في عام 1968. ولاحقاً عيّن حاكماً لإقليم دارفور في عهد الرئيس الراحل جعفر نميري. ومن هذه النخب نذكر أيضاً على سبيل المثال لا الحصر الراحل الدكتور علي حسن تاج الدين، عضو مجلس رأس الدولة الأسبق، والدكتور آدم موسى مادبو، والراحل أحمد عقيل من قيادات حزب الأمة، والدكتور علي الحاج محمد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، وآخرون لا يتسع المجال لحصرهم.

القيادي الراحل جون قرنق، زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان، في واحد من خطاباته التي يتناقلها السودانيون في مناقشاتهم حول أزمة السودان صحح مفهوم الهامش وصولاً إلى جذور المشكلة، وهي أزمة النخب السودانية والحكم والهوية. قال وقتها إن المشكلة ليست مشكلة دافور، ولا مشكلة جبال النوبة، ولا مشكلة البجا في الشرق، ولا مشكلة الغلابة في أمدرمان، ولكنها مشكلة فشل الحكومات وطريقة الحكم في الخرطوم. في تقديري هذا هو التشخيص الصحيح للأزمة، والمعالجات المطلوبة لا تتم بتقطيع أوصال البلد وتقسيمه مجدداً، وإنما بحل إشكاليات الهوية والتنمية وكيف يُحكم السودان، والنموذج الذي يفضي به إلى الاستقرار المفقود والمنشود.

انفصال الجنوب لم يحل مشاكل السودان، وانفصال دارفور الذي يدعو له البعض، لن يحلها أيضاً، بل سيفاقمها لأنه سيفتح شهية مناطق أخرى، وطامحين آخرين، وطامعين ومتربصين، وهم كثر. فما الذي يمنع انتقال العدوى للشرق، أو لجنوب كردفان، أو النيل الأزرق وغيرها؟

فدارفور فيها تنوع قبلي كبير، ومشاحنات وصراعات طويلة، وتداخلات عبر الحدود، وحتى لو انفصلت فإن هذا لن يعني وقف حروبها، ولن يضمن بالضرورة الأمن والاستقرار لبقية أنحاء السودان.

بالنسبة للشماليين الذين وقعوا في لحظات إحباطهم من الحرب الراهنة في فخ خطاب التقسيم، فإنني لا أفهم كيف يمكن تحميل كل أهل دارفور مسؤولية ما يحدث في الحرب الحالية، وهم الذين عانوا لعقود من دوامة الحرب والعنف والحركات المسلحة؟

دارفور ضحية، والسودان كله ضحية لفشل النخب السياسية، وعمى سباق الكراسي.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يكون انفصال دارفور حلاً هل يكون انفصال دارفور حلاً



النجمات يتألقن ببريق الفساتين المعدنية في مهرجان الجونة 2025

الجونة ـ العرب اليوم

GMT 01:24 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أشهر 7 مطربين أفارقة يحققون نجاحاً في فرنسا
 العرب اليوم - أشهر 7 مطربين أفارقة يحققون نجاحاً في فرنسا

GMT 09:29 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتهم حماس بالتماطل في تسليم جثث الرهائن

GMT 14:49 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الذهب في مصر يعاود الارتفاع متجاوزاً التسعير العالمي

GMT 11:23 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

زيت شائع يعزز قدرتك على مكافحة السرطان

GMT 08:15 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 4.5 درجات يضرب موغلا جنوب غرب تركيا

GMT 22:00 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض

GMT 11:36 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

وائل جسار يكشف حقيقة رفضه ألبوم محمد فؤاد بسبب الأجر

GMT 10:44 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

جماهير ليفربول تفاجىء محمد صلاح بعد أزمة الصورة

GMT 07:14 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تفرض عقوبات على أكبر شركتي نفط روسيتين

GMT 05:09 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

بدر عبد العاطي يروي تفاصيل رحلته إلى أروقة الدبلوماسية

GMT 10:06 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

عمر مرموش يزين قائمة أغلى لاعبي العالم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab