بقلم - أمينة خيري
كتبت في مقال «قمامة من؟» عمن يربط بين الفقر وإلقاء القمامة في الأماكن العامة، وهو ربط غير حقيقى بالمرة، فكم من مواطنين بسطاء يراعون قواعد النظافة إلى أقصى درجة، وكم من أثرياء ومقتدرين لا يفكرون مرتين قبل أن يتخلصوا من مخلفاتهم في الشوارع. وتطرقت كذلك إلى التناقض المخزى والمخجل بين من يدعى التدين، لكن لا يعتبر إلقاء قمامته ومخلفاته في الشارع عوارًا لهذا التدين. كما تطرقت إلى مسؤولية الحكومة، لا عن اتباع آلية محكمة لجمع القمامة، ولكن عن وضع خطط مستدامة لدمج مبادئ النظافة والمسؤولية والصالح العام في مناهج التعليم، وفى حملات التوعية المستمرة، وفى تطبيق القانون على المخالفين.
وقد فوجئت بعشرات الرسائل من قراء أعزاء، على مدار الأسبوع الماضى، أغلبها يتطرق إلى مسألة القمامة، وكذلك عن مصيبة السودان الغائبة عن الأذهان، عكس مصيبة غزة!.
اليوم، أنشر بعضًا مما كتب الأعزاء عن القمامة. الأستاذ محمد ممدوح عطيتو، من الأقصر، كتب: «الشعوب لا تتقدم من تلقاء نفسها، الشعب، مدرسة وبيت وجامع، هو نتاج الدولة، وعندما تكون الدولة متحضرة في هندسة ونظافة وتخطيط شوارعها، وتغرس في شعبها قيمة وأهمية النظافة، وتحترم وتقدر عامل النظافة، سيكون الشعب نظيفًا ومهتمًا بالنظافة، والعكس هو الحاصل. والنظافة لا تعنى بالضرورة التخلص من القمامة، النظافة أو عكسها في كل شىء، في الفكر، في إبداء الرأى، في المعاملة، في الموسيقى والغناء، في احترام وضيافة السياح، في طرق إقامة الشعائر الدينية، في قيادة السيارات واستخدام المواصلات العامة، في التشجيع الكروى، في احترام المختلف دينيًا وثقافيًا، في احترام الخصوصيات، في تقدير المرأة، في نشر الوعى والفضيلة، ولكن مع (الانتحار) السكانى، والأمية وفقر الثقافة، وانعدام الإحساس بالأمان النفسى والمستقبلى، أصبح اعتياد القبح والتعايش معه مألوفًا».
كما أرسل القارئ العزيز أستاذ محمود أبوالفتح السطور التالية: «علينا أن نواصل الحديث عن شوارعنا المتسخة حتى نتخذ إجراءً حاسمًا. حضارتنا العظيمة التي نحتفل بها بافتتاح المتحف الكبير وقذارة شوارعنا متناقضتان!، أتفق تمامًا على وجود صلة مباشرة بين من يدعون إلى التقوى وبين ما نراه من حولنا. وكما أشرتَ بحق، نرى أكوامًا من القذارة أمام المساجد من قِبل نفس المصلين، وهى ظاهرة لا تقتصر على المناطق الفقيرة، بل توجد أيضًا في الأحياء الراقية. على الحكومة أن تفرض غرامات صارمة، بالإضافة إلى السيطرة على حركة المرور الفوضوية في الشوارع، كما نحتاج برامج تعليمية في المدارس، والإعلام لبناء وعى عام متسق مع القضية».
أما رسالة أستاذة نور الهدى شوقى، فدقت على أوتار مظاهر التدين، ولكن في اتجاه آخر: «آلمنى هذا الربط بين تديننا وصلاتنا وبين إلقاء المخلفات في الشارع وأمام المساجد. ما علاقة هذا بذاك؟، الصلاة مهمة المسلم الحق، أما رفع القمامة وتنظيف الشوارع فمهمة الحكومة!، من الجانى إذن؟» وللحديث بقية.