سيولتنا المعيشية 6

سيولتنا المعيشية (6)

سيولتنا المعيشية (6)

 العرب اليوم -

سيولتنا المعيشية 6

بقلم:أمينة خيري

أنهيت المقال السابق بإشارة إلى «الأخلاق» التى تتحول أحيانًا إلى مادة يحشوها المدرس فى أدمغة الطلاب، يسكبونها على ورقة الامتحان، ويضرب بها الجميع عرض الحائط فى النهاية.

وهذا مدخل جيد للعودة إلى الأخلاق بمعناها الأشمل والأعم. ولأن الأخلاق لا تفرض فقط بقرار، أو قانون، أو بفتوى، أو بشرطى نشيط، فإن ما نعيشه ونشكو منه من سيولة أخلاقية وسلوكية يبدأ من المدرسة، المقر الرئيسى للتربية جنبا إلى جنب مع البيت.

ويمكن القول إن البداية الحقيقية لترسيخ مرحلة الانهيار الأخلاقى والتدنى السلوكى بدأت فى السبعينيات. فى تلك الحقبة تزامنت ثلاثة مجريات: سياسة الانفتاح وترسيخ مبدأ «إللى معاه قرش يساوى قرش» بلا سند أو مبدأ، وفكرة «الرئيس المؤمن» حيث هو رئيس لكل المؤمنين وليس كل المصريين أو المواطنين، وما صحب ذلك من علاقة متشابكة بين الدين- أو بمعنى أدق بين محتكرى تجارة الدين- وبين الدولة، واستخدام كل منهما للآخر لمصالح سياسية، وأخيرًا وليس آخرًا صدور قانون «العيب»!.

قانون العيب نص على أن «كل من ارتكب ما ينطوى على إنكار الشرائع السماوية أو ما يتنافى مع أحكامها، أو تحريض النشء والشباب على الانحراف عن طريق الدعوة إلى التحلل من القيم الدينية أو عدم الولاء للوطن، يتعرض للعقوبة».

لسبب ما، يعتقد كثيرون أن «العيب» الوحيد يقبع إما فى الشك فى الدين، أو ملابس المرأة. وكل ما عدا ذلك فهو تمام التمام. بمعنى آخر، بات «الكود الأخلاقى» ممثلًا فى إظهار تدينك وإيمانك قدر المستطاع أمام جارك وصديقك وابن خالك وزوج عمتك وأهل المنطقة والمناطق المجاورة، مع تطبيق مقاييس أيزو وضعتها لجنة عليا للبس الستات تزامنًا مع غرس الخلطة السحرية، حيث «صباح الخير» مجاهرة بالفسق، و«السلام عليكم» الطريق إلى الجنة.

هذه «الجنة» الدنيوية التى نعيش فيها فى العقد الثالث من الألفية الثالثة لا تزعجها تلال القمامة وأسراب الذباب والروائح الكريهة فى الشوارع، بقدر ما يزعجها أن أحد الميكروفونات العشرة فى الجامع لا يعمل. وينغص عليها فستان ارتدته طالبة جامعية، ولا ترى، وإن رأت لا تستنكر، تحرش ذكور من الأطفال مرورًا بالشباب انتهاءً بالكهول بإناث رغم التزامهن بـ«كود لبس الستات». وتكاد الجنة تنفجر بمن فيها لو قال أحدهم إنه لا يزعجه وجود بشر يزاملوننا على ظهر الكوكب ينتمون لعقائد مختلفة أو لا ينتمون، على اعتبار أن غاية المنى والأمل هو أن يصبح الجميع صورة طبق الأصل من بعضهم البعض، وكلما زاد هذا الدين فردًا، بغض النظر عن أعماله وأخلاقه، كانت شهادة ضمان جنة الخلد أقرب.

وهنا، أوجه تحية خالصة إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وما قاله عن أن المفاضلة بين الأديان أمر متروك لله، وليس البشر، وكلى أمل أن يبدأ تطبيق هذا الاتجاه من قاعات الدرس فى أزهرنا الشريف.

وللحديث بقية.

arabstoday

GMT 04:30 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

كفى بُكاءً من الزيارة

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 04:28 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

قد «أنطوان لحد» كمان وكمان!

GMT 01:44 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

بين دوايت ودونالد

GMT 01:43 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

الدين وأخلاق العمل والخير العام

GMT 01:41 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

القوة الخشنة تشيّع القوة الناعمة

GMT 01:40 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

ليو وأتيلا العصر الحديث

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيولتنا المعيشية 6 سيولتنا المعيشية 6



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:13 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

قلق إسرائيلي من زيارة ترامب إلى الخليج
 العرب اليوم - قلق إسرائيلي من زيارة ترامب إلى الخليج

GMT 04:29 2025 الجمعة ,16 أيار / مايو

لماذا سعت السعودية لرفع العقوبات؟

GMT 06:22 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

أخذ العلم بالتوازن الجديد في المنطقة

GMT 00:51 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

إجراءات أمنية جديدة في مطار بيروت

GMT 06:09 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

السعودية وأميركا... فرص العصر الذهبي

GMT 12:04 2025 الأربعاء ,14 أيار / مايو

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

GMT 06:17 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

حقاً للتاريخ

GMT 06:19 2025 الخميس ,15 أيار / مايو

نكبات مستمرة والإبادة تتوسع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab