بقلم:أمينة خيري
أعود مضطرة للكتابة عن حوادث الطرق. أعلم تمامًا أن البعض لا يعجبه التطرق إلى مثل هذه الموضوعات، ويعتبرها جهلًا أو جحودًا أو تعديًا، أو كل ما سبق، ولكن ما باليد حيلة.
الأسبوع الماضى فقط شهد عددًا من الحوادث المروعة على طريق السويس وحده، بينها حادث واحد نتج عن تصادم تريلا بعشر سيارات بين شاحنات نقل وأتوبيسات وميكروباصات وملاكى. والسرعة الجنونية دائمًا مذكورة فى جملة مفيدة.
الكتابة ليست بهدف التدقيق فى عدد المخالفات التى تم تحريرها، والمركبات التى تمت مصادرتها، والأكمنة التى تم نصبها. المهمة الملقاة على عاتق إدارة المرور ثقيلة وكبيرة، لكن هذه الحوادث المروعة، وغيرها التى تقع يوميًا، يستحيل حلها بتحرير المخالفات ومصادرة المركبات فقط.
التطرق إلى حوادث الطرق لا يعنى التقليل من حجم الإنجازات الكبرى التى شهدتها طرق مصر، فأصبحت لديها بنية تحتية من الطرق غير مسبوقة. كما لا يعنى التقليل مما تبذله وزارة الداخلية، ولكن...
قبل نحو شهرين، كتب أستاذ هندسة الطرق وتخطيط النقل، ووزير النقل السابق الدكتور جلال السعيد الأسطر التالية فى مقال فى «المصرى اليوم»:
«شهدت الطرق المصرية تطويرًا مهمًا فى السنوات العشر الأخيرة، إلا أن أشياء أخرى لم تتحسن بشكل يواكب هذا التطوير الذى حدث، مثلما هو الأمر فى أمور تخص قضايا الأمان فى القيادة عليها، وفى فهم البعض أن هذا التطوير هو دعوة للمتهورين إلى التمادى فى تهورهم، متناسين أنهم بسلوكهم هذا يزهقون أرواحًا بريئة، ويشوهون إنجازات تكلفت الكثير.. ومعروف عالميًا أن نسبة الحوادث التى يتسبب فيها العامل البشرى هى حوالى 74٪، بينما تسهم السيارة بحوالى 21٪، وتسهم خصائص الطريق والبنية المحيطة به فى 5٪ فقط من الحوادث. ظاهرة السرعات الزائدة هى جزء من سلوك انتشر مؤخرًا، وهى ظاهرة ضمن ما يُطلق عليه القيادة العدوانية.. تزايد حوادث الطرق مرتبط بمدى جدية برامج تعليم القيادة ونظام منح التراخيص للمركبة والسائق، وسلامة المركبات ومتانتها وحالة الإطارات، وسلامة تصميم الطرق وإجراءات التأمين عليها والتحكم فى تغول عربات النقل الثقيل واستقوائها على السيارات الخاصة.. هناك جهات عديدة يتقاطع مسار عملها مع قضية الحوادث على الطرق، ولا يتمتع أى منها بالصلاحية المنفردة لمواجهة هذه القضية بشكل شامل.. والأمر يحتاج إلى تدخل أكثر إحكامًا وشمولًا عما هو عليه الآن.. وأول شروط المواجهة الفعالة لتزايد حوادث الطرق هو أن يكون هناك كيان مؤسسى قوى موحد تناط به هذه المسؤولية.. وهذا هو المدخل الذى اتبعته كل الدول التى حققت نجاحات عندما أرادت مواجهة تزايد معدلات الحوادث مثلما نتطلع نحن».
وأقول: حين توافرت الرغبة لمواجهة ظاهرة أرقام السيارات المخلوعة والمطموسة، هرع الجميع لتركيب ما تم خلعه، وتوضيح ما تم تمويهه، وإن فترت الرغبة، عادوا.