بقلم : محمد أمين
يشجعنى أن أكتب لسعادة رئيس الوزراء، خاصة أنه يستجيب لمطالب الناس مادامت بسيطة وغير مستحيلة.. فقد وجهت له من قبل رسالة لوضع اسم عبود باشا على عمارة الإيموبيليا التى أنشأها فى العصر الملكى كهرم رابع ودفع فيها ثروته ولم يطلب أى شىء.. وجاء حفيده يطلب أن يوضع عليها اسم جده فقط.. وتمت الاستجابة لهذا الطلب الإنسانى البسيط!.
واليوم، تلقيت رسالة أخرى من د. أحمد شيرين فوزى، محافظ المنوفية الأسبق، يطالب فيها بتسليم فيلتين لعبود باشا فى الزمالك.. كانت الفيلتان محل إقامة عبود باشا فى الزمالك مع أسرته.. وتم اغتصاب الفيلتين لمدة ستين عاما. منذ الخمسينيات حتى الآن وكان يعتبر واحدا من أغنى عشرة رجال فى العالم!.
وقد غادر عبود باشا مصر إلى أمريكا فى عام ١٩٦٣، فى رحلة عمل بناء على طلب الحكومة المصرية للتفاوض مع بنك أمريكى على تمديد قرض مصنع الأسمدة، لأنه قرض شخصى لعبود باشا لبناء مصنع الأسمدة بالسويس، الذى تم تأميمه والاستيلاء على المصنع دون أى تعويض، وفقد ملكيته. ولم يسمح لزوجته بمصاحبته فى السفر، لأنها تنازلت عن جواز سفرها البريطانى عام ١٩٥٦، اعتراضا على العدوان الثلاثى على مصر، وبقيت وحدها فى القاهرة، وهذا جزاء حبها وارتباطها بمصر. وبعد وفاة عبود باشا فى أحد فنادق لندن فى ديسمبر ١٩٦٣.
ولم يُسمح بإعادة جثمانه ليدفن فى ضريح عائلته بالقاهرة، ودفن فى مقابر المسلمين فى شمال لندن. ولم يسمح لزوجة عبود باشا بمغادرة القاهرة والسفر إلى لندن إلا بعد مرور ثلاثة شهور على وفاة زوجها، وتوفيت فى نوفمبر ١٩٦٦ فى لندن ودفنت فى مقابر المسلمين بجوار زوجها، وتم إفراغ محتويات الفيلتين بالكامل، بما فى ذلك الأثاث والملابس وغيرها، كما تم طرد الموظفين الذين كانوا يتولون عملية الصيانة!.
واستولت كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان على الفيلتين، وأرسلت السلطات شيكات إيجار إلى شقيق زوج «منى»، نجلة عبود باشا السفير ووزير الخارجية الأسبق الدكتور أحمد حسين، وكان يعيد الشيكات شهريا، مؤكداً أن هاتين الفيلتين تم الاستيلاء عليهما بشكل غير قانونى وطالب باستعادتهما. بعد أن أصدر الرئيس أنور السادات قوانين تعلن أن المصادرة والتأميم غير قانونيين، وأمر بإعادة الممتلكات إلى أصحابها!.
وفى النهاية لم يعد للأسرة منزل فى مصر منذ الحجز على الفيلتين منذ ستين عاما (عام ١٩٦٤)، وعندما يقوم أحفاد عبود باشا، أحمد عبود وشقيقته نادية، بزيارة عائلتهما فى القاهرة، يقيمان فى الفنادق. وهناك أنباء من بعض المصادر أنه تم الانتهاء من بناء مقر لكلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان بحلوان، وبصدد الانتقال إلى هذا المقر الجديد فى بداية السنة الدراسية فى سبتمبر القادم!.
وأعتقد من الإنصاف والإنسانية والعدالة أن تعيد الدولة الفيلتين إلى أصحابهما بعد استغلالهما لمدة ستين عاما دون أى مقابل، ليكون لهم محل إقامة بمصر، وكفاية مصادرة والاستيلاء على جميع أملاكهم وتجميد أموالهم بالبنوك!.