بقلم : محمد أمين
هل تغيير النظام بالقوة العسكرية يفيد الشعوب أم يفتح باب الفوضى؟.. وهل استبدال النظام الإيرانى بنظام آخر، عن طريق قوة أجنبية أو انقلاب أو ثورة، يجعل الحياة أفضل؟.. هذا السؤال أجاب عنه ماكرون، ورفض تغيير النظام الإيرانى بالقوة العسكرية.. وأشار إلى ما حدث فى العراق وليبيا.. وكأنه يرد على تصرفات أمريكا ويدعو ترامب إلى تغيير سياسة التغيير بالقوة.. ويمكن الانتقال من نظام سياسى إلى آخر، من خلال الإجراءات السياسية أو العسكرية المتضافرة، والذى يظهر فى أحدث صوره فى تغيير النظام الذى حدث فى تونس!.
وقد انتشر هذا المصطلح من خلال آخر الرؤساء الأمريكيين. فقد استخدم بل كلينتون وجورج دبليو بوش هذا المصطلح بشكل متكرر للإشارة إلى نظام صدام حسين فى العراق. كما دعا رونالد ريجان من قبل إلى تغيير النظام فى ليبيا عن طريق وكالة الاستخبارات المركزية، ويمكن تغيير النظام داخليًا كما حدث فى الاتحاد السوفيتى وانهيار الشيوعية فى أوروبا الشرقية!.
ومن الأمثلة الأقل عنفًا لتغيير النظام بشكل داخلى تأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة والاتحاد الأسترالى، ويمكن أن يستخدم المصطلح «تغيير النظام» كذلك بمعنى أكثر عمومية، خصوصًا فى الأعمال الأكاديمية، من أجل الإشارة إلى تغيير المؤسسات السياسية أو القوانين التى تؤثر على طبيعة النظام ككل.. ويمكن فى الغالب النظر إلى تغيير النظام على أنه فرصة مثالية للتجارب الطبيعية التى يقوم بها علماء الاجتماع!.
ومنذ أيام قال ترامب إنه لا يهدف من الضربة إلى تغيير النظام، وإنما هى ضربة تقف عند هذا الحد، وكان يقصد أن يمتص الغضب الإيرانى فى الرد القانونى على الضربة الأمريكة، فأراد أن يطمئنهم أنه لا يقصد إسقاط النظام، فهو شىء ونتنياهو شىء آخر!.
المؤكد أن ماكرون حذر من التدخل العنيف للتغيير، لأن الثقافة الأوروبية تعرف أن التغيير السلمى أضمن للعالم وأفضل للشعوب المستهدفة بالتغيير.. وهو الفرق بين الثقافتين الأوروبية والأمريكية، فالثقافة الأمريكية غير الأوروبية فى التغيير.. الأخيرة تسعى لتهيئة المناخ للتغيير، وبالتالى يحدث التغيير بهدوء وبشكل تدريجى، مستفيدًا من أحداث الثورة الفرنسية التى استمرت وقتًا طويلًا وبنت القواعد بهدوء.. أما الأمريكان ففكرتهم تقوم على الهدم والبناء.. كما عشنا أحداث العراق وغيرها، فلم تحدث الديمقراطية التى سمعنا عنها، ولم يحدث التغيير الهادئ الذى يبنى البلاد!.
وهذا ما لم يقله ماكرون فى رسائله لترامب خلال الضربة العسكرية لإيران، بينما كان يعتقد ترامب أنه سيعيد عظمة إيران كما كانت.. كلام فى الهواء لا ينتج عظمة، ولا يحدث حرية ولا ديمقراطية!.