بقلم : سليمان جودة
تظل الأكاديمية المصرية فى روما نافذة لنا على العالم لا على إيطاليا وحدها، فإذا أضفنا إلى ذلك أنها الأكاديمية العربية الوحيدة فى مكانها، أدركنا مدى ضرورتها لنا فى موقعها هناك.
ولا يزال الفنان فاروق حسنى أهم الذين تولوا إدارتها، وقد كان الرجل يفهم طوال وجوده على رأسها ماذا عليه أن يفعل لبلاده من موقعه فيها؟ فلما عاد إلى القاهرة كان يعطيها اهتماماً خاصاً، وكان يرسل الشباب إليها فى بعثات دراسية كل سنة، حتى إذا عادوا كانوا إضافة للعمل الثقافى المضىء فى البلد.
وقد جاءت سنوات ماضية بَدَت الأكاديمية مظلمة خلالها، ولم يكن أحد يسمع لها حساً ولا خبراً، وكانت تبدو كأنها مغلقة، فلما ذهبت إليها الدكتورة رانيا يحيى قبل أقل من سنة أضاءت أنوارها من جديد، وصرنا نتابع ما تقدمه الأكاديمية لروادها، ولا يكاد أسبوع يمر إلا ونقرأ شيئاً هنا أو هناك عما تمتلئ به من نشاط. ورغم أن أى مسؤول جديد يظل فى حاجة إلى بعض الوقت ليستوعب الأمور التى يجدها أمامه، إلا أن الدكتورة رانيا بدأت العمل، منذ يومها الأول، ثم واصلت طريقها ولاتزال تواصله. لقد أحست فيما يبدو بأن عليها أن تعوض حالة الكسل التى مرت بها الأكاديمية قبلها، ولذلك، فلا تكاد تنتهى من نشاط حتى تكون قد بدأت نشاطاً آخر.
المفارقة غير المفهومة فى الموضوع كله أنى كنت أتحدث مع قيادة فى وزارة الثقافة، فعرفت أن الوزارة أرسلت ترشيحات بثلاثة أسماء إلى الجهات المعنية فى الدولة، لاختيار اسم منها مديراً للأكاديمية!.. لم أصدق ما سمعته فى البداية، ولكن القيادة إياها أكدت لى المعلومة!.. فهل هذا معقول؟.
من حق الوزارة طبعاً أن ترشح مَنْ تحب، وأن ترسل مَنْ تشاء إلى المكان الذى تراه، ولكن أن يحدث هذا مع مديرة للأكاديمية تبدأ عملها بالكاد، ولا تتخاذل فى مكانها، وتقدم الجديد باستمرار، فهذا هو الأمر غير المفهوم حقاً، وهذا مما لا يستوعبه العقل ولا يهضمه.. وهو ليس فقط غير مفهوم، ولكنه يكاد يقول إننا لا نريد لأحد أن يعمل فى مكانه، أو أننا نفضل منظر الأكاديمية وهى شبه مغلقة فى سنوات سابقة!.
لا أعرف مَنْ فى الدولة أخاطبه، ولكنى أعتقد أن فى الدولة مَنْ سوف لا يرضيه أن نعاقب مَنْ يعمل، ومَنْ سوف لا يرضيه أن يكون هذا هو المنطق المعتمد فى التعامل مع الذين يرغبون فى تقديم شىء من أجل بلدهم. مصر تستحق أن نعاملها بطريقة أفضل من هذه الطريقة.