بقلم : عمرو الشوبكي
فى عالم السياسة هناك من يؤيد الحكومة ويعارضها وفق مصالحه السياسية أو الشخصية، وهناك من يؤيد أو يعارض وفق قناعته وتوجهاته السياسية والحزبية، وفى كلا الحالتين يفترض على الحكومة أن تناقش وترد على ما يقال ولا تدخل فى النيات والحسابات الخاصة والتهم المعلبة بأن هذا متآمر وهذا يبحث عن زعامة ومكاسب شخصية ولا يناقش أحد ما يقوله المخلص أو المغرض.
والحقيقة أن مصر عرفت فى السنوات الأخيرة أزمات اقتصادية وسياسية اعتبرها الكثيرون بالعلم أو بالموقف السياسى أنها ترجع لخيارات تبنتها الدولة سواء فى نمط مشاريعها أو الأولويات التى اختارتها أو بسبب تدخلها فى أنشطة اقتصادية أثرت سلبا على الاستثمار وزادت من نسب البطالة والتضخم، وأن الرد على هذه الآراء سيكون إما بوجهة نظر مقابلة أو بمراجعة السياسات الخاطئة المتبعة وليس بترديد تهم معلبة بالتآمر ونشر الفوضى.
ولم تكن صور الفوضى والإهمال التى شهدتها مصر مؤخرا بسبب مؤامرات خارجية أو داخلية إنما نتيجة سوء الأداء حيث بات لا يمر شهر إلا وتشهد البلاد حادثا مروعا بسبب غياب الأولويات الصحيحة والاهتمام بمشاريع لا تمثل احتياجا حقيقيا وأولوية لأغلب الناس.
والحقيقة أن ما يجرى هو نتيجة سوء أداء داخلى عكس أزمة فى طريقة التفكير وليس بسبب انتقادات هنا أو هناك، فمسلسل الحوادث الذى شهدته البلاد وراح ضحيته فى طريق واحد ٢٨ شهيدا مشكلته ليس فى تسليط الضوء عليه أو حتى استغلال البعض له إنما فى تكرار هذه الحوادث، وهو أمر يطلب اعترافا بالأخطاء والعمل على تصحيحها، كما أن حريق سنترال رمسيس الذى راح ضحيته ٤ مواطنين يجب أن يفتح الباب أمام مناقشة أسباب تركز شبكة الاتصالات فى مكان واحد وأسباب تأثر شبكات محمول أخرى بعطل أصاب شركة الاتصالات الرئيسية.
أما انتقاد الأداء السياسى والذى يتمثل فى الطريقة التى ستجرى بها الانتخابات النيابية فهو تحذير حقيقى لنتائج تكرار إجراء انتخابات ليست فقط معروفة نتائجها مسبقا إنما أيضا لا يشارك ولا يهتم بها الناس، وبالتالى فإن المشكلة فى قانون الانتخابات وليس فيمن ينتقده.
نظريات المؤامرة سائدة فى البلاد التى لا تريد تصحيح أخطائها، صحيح أن هناك من يضع خططا سرية أو علنية تستهدف مصالح البلد إنما كل ذلك لم ينجح فى أى بلد لديها «مناعة داخلية» ونظام سياسى كفء ويحقق حدا أدنى من العدالة والمساواة بين مواطنيه ويسعى لتطبيق دولة قانون.
النقد العلنى غير الخطط السرية، فالأول يجب الاستماع إليه وقبوله مهما كانت حدته وحتى لو كان يعكس نيات سيئة فطالما يقول فى النور كلاما محددا فيه وجهة نظر محددة فيجب أن تناقش ويستجاب لها لو كانت صحيحة دون تفتيش فى النوايا والمقاصد.