أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون
مجلس الأمن يبحث تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض مجلس الوزراء اللبناني طالب الدول الضامنة بالضغط باتجاه تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل مجلس السيادة في السودان ينفي وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في واشنطن دولة الإمارات تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعي قانونين لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة نتنياهو يشيد بدور ترامب في التعاون مع الدول العربية للمساعدة في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من غزة أحياء وزير الخارجية القطري يؤكد ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان تطبيق اتفاق غزة بما يحقق السلام المستدام والاستقرار في المنطقة ألوية العمالقة في اليمن تعلن ضبط سفينة إيرانية محملة بأسلحة ومنتجات إيرانية كانت متجهة إلى الحوثيين قرب باب المندب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يقول إن الولايات المتحدة هي أعظم صديق لإسرائيل ويعبّر عن امتنانه لإدارة ترامب على دعمها المستمر زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب جزيرة رودس اليونانية
أخر الأخبار

أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون

أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون

 العرب اليوم -

أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون

بقلم: عادل درويش

صعود وسقوط بوريس جونسون كزعيم شعبي والرئيس السادس والخمسين لحكومة بريطانيا (2019 - 2022)، ودراما نهايته (باستقالة ستين من الوزراء وإداريي الحزب الحاكم في يومين)، ذكّرتني بسان جورج، القديس الرسمي لإنجلترا في الفلكلور الإنجليزي. في الأسطورة الشعبية يطعم أهل البلدة التنين المخيف خروفاً كلما جاع، وبعد نفاد الخراف بدأوا يطعمونه البنات، فلما جاء دور الأميرة، تقدم الفارس جورج وبعد معركة طويلة قتل التنين ونجت الأميرة والبلد.
السؤال بالتفكير النقدي: هل هناك وظيفة يشغلها جورج، أو حاجة إلى وجوده بعد زوال خطر التنين؟ ماذا بعد الامتنان بتقديسه ورسمه يصرع التنين على العَلم والأيقونات وزجاج نوافذ الكنائس؟ سؤال يتكرر عبر القرون بالتغيرات الكبيرة التي تُحوّل مسار التاريخ وتعيد رسم الخرائط، ثم لا ينجح القائد الذي حقق النصر في الحرب أو الذي تزعم الحملة في إدارة شؤون البلاد أو تنفيذ الأهداف التي طرحها برنامجه الثوري.
الزعيم البريطاني الأشهر وقائد العالم الحر ومنقذه من بربرية الفاشية في الحرب العالمية الثانية السير ونستون تشرشل (1874 - 1965) رفضه الناخب البريطاني بعد أن قضى على تنين النازية، واختار حكومة عمالية (1945 - 1951) بزعامة كليمنت أتلي (1883 - 1967).
جاذبية جونسون وشعبيته كانت في ثوريته، في مظهره غير المهندم كشخصية خفيفة الظل سريعة النكتة كصحافي متمرد أو مخبر خصوصي لا يلتزم باللوائح لتحقيق العدالة الشعبية (غالباً لا قانونية) يتعاطف معه المتفرجون في أفلام الأبيض والأسود، في مسعاه لنصرة الإنسان البسيط المنسحق تحت أقدام تنين البيروقراطية ونظام اقتصادي وإداري يراه غير عادل.
ورغم أن جونسون (انتُخب أول مرة لمجلس العموم في 2001) مثقف كبير ومؤلف كتب ودارس للكلاسيكيات وكثيراً ما يكسب مناظرات بتوظيف أمثال حكيمة وأشعار باللاتينية، خريج مدرسة إيتون الراقية وجامعة أكسفورد العريقة، فإن رجل الشارع وربة المنزل لا يريانه ممثلاً لصفوة الطبقة العليا؛ خفيف الدم، بسيطاً شعبياً، ولا أذكر في أكثر من خمسة عقود من العمل الصحافي أن الشعب والصحافة ورجل الشارع يعرف زعيماً آخر، ويناديه باسمه الأول «بوريس» فقط، بينما الراحلة مارغريت ثاتشر (1925 - 2013) التي سماها الناس والصحافة «ماغي» في حضورها ناديناها كصحافيين بـ«المسز ثاتشر».
صفات وعوامل أدت لانتخابه عمدة لندن مرتين (2008 و2012)، وفترة عموديته حتى 2016 كانت الاستثناء؛ فمعظم ناخبي العاصمة من اليسار الليبرالي، ينتخبون يسارياً اشتراكياً للمنصب منذ ظهوره في 2000 حتى عندما كان هناك مجلس لبلدية لندن (قبل 1986 عندما نقلت سلطاته إلى 32 بلدية محلية منتخبة). فقد وجد الناخب في بوريس سان - جورج اللندني لدحر تنين عمودية الراديكالي اليساري كين ليفنغستون (2000 - 2008) الذي أفسد الميزانية وزاد من الضرائب وتعاون مع أنظمة خارجية راديكالية يتوجس الناخب اللندني والبريطاني منها.
ومن السياسة المحلية اللندنية قفز جونسون إلى السياسة القومية في حملة غيّرت مسار التاريخ بلعبه دوره السبارتاكوسي المفضل: قيادة تمرد الفئات التي رأت نفسها عبيداً يعانون من تسلط الدولة المركزية، والمؤسسة الليبرالية المسيطرة، صحافة يسارية تتجاهل همومهم، وبيروقراطية بروكسل في حملة «بريكست» الناجحة لقتال تنين آخر في الاتحاد الأوروبي؛ وانتهت الحملة بالسقوط السياسي لزميله في الدراسة ديفيد كاميرون كرئيس وزراء بعد أن راهن بمصير حكومته (2010 - 2016) على إبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
جونسون أُعيد انتخابه لمجلس العموم للمرة الرابعة (بزيادة في الأصوات) في 2017 بينما خسر المحافظون ثلاثة عشر مقعداً بزعامة تريزا ماي (2016 - 2019)، مؤكداً شعبيته (جونسون) وقبول الناخب لبرامجه المطبقة في لندن. تقدمية عملية في الخدمات بينما الجوهر السياسي أقرب للقيم والمبادئ التشرشلية لفلسفة المحافظين: حرية الفرد وحقه في الاختيار أهم من تسلط الدول، حرية التعبير والديمقراطية وحرية الصحافة، وتقليص دور مؤسسات الدولة وتقليص حجم وميزانية أجهزتها وتدخلها في خيارات الفرد، وتخفيض الضرائب ودعم فرص القطاع الخاص والاستثمارات الفردية -وهي كلها عكس تسلط وسيطرة بروكسل التي دفعت بالأغلبية إلى التصويت لـ«بريكست».
وعندما تعثر مشروع «بريكست» في أثناء حكومة تيريزا ماي بسبب تضافر مؤسسات الدولة العميقة وأغلبية من نواب البرلمان من كل الأحزاب لا يعكسون رغبة ناخبي دوائرهم، مع مؤسسات صناعة الرأي العام في محاولة عكس الإرادة الشعبية وإبقاء بريطانيا في حظيرة الاتحاد الأوروبي، استل جونسون سيف القديس جورج ودرعه ليحارب التنين الذي رفض الموت برمح استفتاء «بريكست».
عندما فقدت تيريزا ماي ثقة نواب المحافظين واختار الحزب جونسون زعيماً في المؤتمر السنوي في 2019، واجه تحديات برلمان ومؤسسة حاكمة وصحافة تعرقل تنفيذ إرادة الأمة في استفتاء «بريكست»، فوضع شعبيته محل الاختبار بالدعوة إلى انتخابات عامة، اكتسحها المحافظون بزعامته بالحصول على أكبر عدد من المقاعد في ثلاثة عقود. بل تمكن برنامج المحافظين الذي صاغه الجناح الجونسوني في الحزب من اقتناص قرابة خمسين مقعداً في عقر دار حزب العمال في مناطق الطبقة العاملة في الشمال التي ارتفعت فيها البطالة وتدهورت أحوالها الاقتصادية والاجتماعية بسياسات بدأت في أثناء حكم العمال (1997 - 2010) وزعامته كانت تشبه الصفوة المنغلقة علي نفسها في لندن الثرية، والتي رأتها الطبقات الشعبية تنيناً لا يقدر عليه إلا بطلهم بوريس.
هذه الحسابات كان يجب أن تقنع جونسون بالالتزام بالسياسة الثاتشرية بدلاً عن الابتعاد عن فلسفة المحافظين بسياسات أثقلت الاقتصاد بأعباء التزامات آيديولوجيات يسارية أدت إلى إبعاد التيار اليميني وقواعد المحافظين الأساسية في الريف، مثل ضرائب البيئة لتمويل المشاريع الخضراء غير الإنتاجية. ورغم نجاح حكومة جونسون في نحر التنين بتحقيق «بريكست»، وكان أداؤها الأفضل بين الديمقراطيات الغربية مع وباء «كوفيد»، ومواجهة الأعباء الاقتصادية للإغلاق الصحي وقيادة التحالف في حرب أوكرانيا، فإن سبب سقوطه لم يكن الأداء السياسي أو برنامجه الاقتصادي وإنما ما بدا كأسباب أخلاقية كانت هدية لصحافة أغلبها معادٍ لجونسون والمحافظين ولمشروع «بريكست». فبوريس ومستشاروه لم يتعلموا درس أن محاولة تغطية الأخطاء بالتهرب من محاسبة الصحافة بدلاً عن الاعتراف الفوري والاعتذار أدت إلى سقوط الكثير من ساسة ناجحين سبقوه.
ومثلما قال السياسي المفكر والكاتب المحافظ إينوك باول (1912 - 1998): «السلك المهني لرجل السياسة ينتهي دائماً بالفشل».

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون أسطورة القديس جورج وبوريس جونسون



يسرا تتوّج "ملكة الأناقة" في مهرجان الجونة

الجونة ـ العرب اليوم

GMT 01:24 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أشهر 7 مطربين أفارقة يحققون نجاحاً في فرنسا
 العرب اليوم - أشهر 7 مطربين أفارقة يحققون نجاحاً في فرنسا

GMT 11:15 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

5 أطعمة يجب تجنبها عند تناول أدوية لضغط الدم

GMT 13:40 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab