سياسة جديدة للمحافظين

سياسة جديدة للمحافظين

سياسة جديدة للمحافظين

 العرب اليوم -

سياسة جديدة للمحافظين

بقلم: عادل درويش

في محاولة لكسب الثقة الشعبية التي ابتدأ حزبها المحافظ يفقدها قبل عامين وانتهت بكارثة انتخابية الصيف الماضي، بدأت زعيمة المعارضة الرسمية البريطانية كيمي بيدينوك حملة سياسية هذا الأسبوع بمؤتمرين صحافيين، الأول في لندن والثاني في بيكونسفيلد في مقاطعة باكينغهامشير. اختيار زعيمة المحافظين للمكانين جغرافيا، يعكس بداية تخطيط الاستراتيجية الجديدة للحزب؛ فالأول بمثابة الإعلان عن بداية استراتيجية على المستوى القومي لإنقاذ الاقتصاد، والتخطيط للتحديات التي تواجه الأمة على المدى الطويل (الانتخابات القادمة في 2029)، والثاني يأتي استعدادا لخوض انتخابات البلديات المحلية بعد 36 يوما. وبجانب المؤتمرين، فإن بيدينوك، على غير عادتها، أجرت عددا من المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، بجانب مقالات في الصحف الكبرى بأقلام ساسة من ثلاثة أجيال من المحافظين كان بعضهم وزراء في حكومات الراحلة مارغريت ثاتشر؛ والرسالة هي العودة للخط المحافظ التقليدي الذي يفضله ناخب الوسط البريطاني. اختبار مدى نجاح السياسة الجديدة سيكون في انتخابات البلديات المحلية، ولذا تركز بيدينوك وفريقها على الصراحة مع الناخب بالتخلي عن بعض سياسات المحافظين في السنوات الأخيرة، خاصة أن السياسة في الديمقراطيات البرلمانية تبدأ بالناخب المحلي، حتى ولو كانت سياسة عالمية للحكومة.

وأهم تعديل في البرنامج السياسي للمحافظين، والذي يفتح هوة مميزة تفصلهم عن سياسات الحكومة العمالية والأحزاب الأخرى، وعن سياسة المحافظين السابقة بزعامة تيريزا ماي (2016-2019): التخلي عن التوصل لمعادلة الصفر البيئية (مساواة كمية الكربون الصادر من عوادم المحروقات بكمية ما تنظف الأجواء منه، سواء بزراعة أشجار أو بامتصاص الغازات وتخزينها) التي أدت لتراجع الاقتصاد وفقدان وظائف وتكلفة عالية في الوقود انعكست على الأسعار ومعدلات التضخم. المحافظون يتابعون مؤشرات السوق وتأثيرها على الاقتصاد القومي، فانتبهوا لتراجع مؤسسات البترول العملاقة (كشركة شل، وشركة البترول البريطانية) عن الاستثمار في مشاريع الطاقة الخضراء وتوجيه العمل لسياسات استخراج الوقود التقليدية التي تضمن للمستهلك والاقتصاد الاستمرارية واستقرار الأسعار.

قانون التغير المناخي الذي أصدرته حكومة العمال السابقة قبل 17 عاما كان بهدف مستقبلي، وهو إنهاء 80% من عوادم المحروقات (بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة) في 2030. لكن «المستقبل» يداهمنا بسرعة كما يعرف كبار السن، وأرقام اقتصاد 2030 أو 2050 (تاريخ هدف المحافظين للتوصل لمعادلة الصفر في تعديلهم للقانون عام 2019) اتضح أنها باهظة التكاليف بأضعاف ما قدرته أرقام 2008. قلة بسيطة من نواب مجلس العموم عارضت التسرع في الالتزام بسياسة غير مأمونة العواقب على الصناعة والاقتصاد، بينما بلدان كالصين (الصفر في 2060)، والهند (الصفر 2070) وأميركا (2050 قبل ترمب) وروسيا (الصفر 2060)، والأربعة يساهمون بـ63% من عوادم الكربون عالميا بينما بريطانيا 1% فقط. الهوس الآيديولوجي بهذه السياسة أفقد بريطانيا العديد من الصناعات الثقيلة كالصلب والألمنيوم وأصبحت تستورد البدائل من الصين، بينما تحول معمل تكرير البترول الوحيد الباقي في اسكوتلندا إلى ميناء استيراد منتجات كانت البلاد تنتجها حتى عهد قريب. استلهمت بيدينوك شجاعة قدوتها مارغريت ثاتشر، لتجعل المحافظين أول حزب كبير تعترف قيادته للشعب بالحقائق والأرقام التي تخفيها الأحزاب الأخرى. فالاعتماد على المحروقات منذ اكتشاف الفحم ثم البترول والغاز كان ولا يزال السبب الرئيسي في تقدم الدول الصناعية والتطور الاقتصادي ورواج التجارة الذي أدى إلى رواج على المستوى العالمي. وكأول زعيمة سياسية تتحدى الرواية الرسمية والاعتقاد الذي تقدسه الغالبية العظمى من وسائل المؤسسة الإعلامية البريطانية، غالبت زعيمة المحافظين شعورها بالنفور من الظهور على شاشات التلفزيون (كانت انتقدت زعيم حزب الإصلاح اليميني نايجل فاراج، الذي يقتنص أصوات المحافظين الانتخابية، بأنه ملائم للاستعراض التلفزيوني أكثر من المسرح السياسي) لتواجه الناخب بضرورة إعادة النظر في سياسات البيئة.

بالصدفة البحتة شب حريق بعد منتصف ليل الخميس في محطة المحولات الكهربائية التي تغذي منطقة مطار هيثرو أدى لإغلاقه وإلغاء قرابة 1350 رحلة وأثر على الرحلات الجوية العالمية طوال يوم الجمعة. كان في هيثرو مولدات كهرباء تعمل بزيت الديزل بديلاً للتيار الكهربي؛ المنتقدون يتهمون إدارة المطار ببيع المولدات واستبدال مولدات خضراء يشغلها وقود عضوي بها، كجزء من سياسة التخلي عن المحروقات والالتزام بمعادلة الصفر البيئية في 2050. وزارة المواصلات اكتفت بالقول إن مولدات الديزل موجودة لكنها لم تعمل كما يجب؛ وذلك قبل البدء في التحقيق لمعرفة السبب.

arabstoday

GMT 04:54 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

فوق سور الصين

GMT 04:53 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

المُتنبّي ولامين يامال!

GMT 04:51 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

هل ما زال ممكناً تلافي تجدّد الحرب؟

GMT 04:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ديمقراطية الاستعراض والترفيه

GMT 04:48 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن والاستراتيجية المنتظرة لمكافحة الإرهاب

GMT 04:47 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مروان البرغوثي... في حالة السلم والحرب

GMT 04:45 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وشي... قمة مستقبل الصراع

GMT 04:44 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القوى الثلاث بعد خروج إيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياسة جديدة للمحافظين سياسة جديدة للمحافظين



إليسا تخطف الأنظار بإطلالات تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 21:52 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

طقوس صباحية بسيطة لدعم صحة الكبد تشمل احتساء القهوة

GMT 15:33 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الأرجنتين: تصويت مصيري وتدخل أميركي

GMT 15:49 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سوريا الأستاذ وديع

GMT 20:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رسميًا زواجها بعد جدل الوثيقة المسربة

GMT 07:03 2025 الأحد ,26 تشرين الأول / أكتوبر

سريلانكا بين الجبال والبحار تجربة سياحية لا تُنسى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab