حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

 العرب اليوم -

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير

بقلم: عادل درويش

 

يبدأ اليوم المؤتمر السنوي لحزب المحافظين البريطاني، الأقدم بين الأحزاب المحافظة في النظم الديمقراطية وأكثرها نجاحاً.

تأسس، بالاسم الحالي في 1834 بتطوير حزب التوري (من كلمة توراي وتعني بالآيرلندية المتمرد أو الخارج عن القانون) الذي ظهر في 1679 بوصفه معارضة لـ«ويغز» المؤيدين في البرلمان للملك تشارلز الثاني (1630 - 1685) في فترة «أزمة الإقصاء»، أي قوانين إقصاء أخيه جيمس (الثاني) دوق يورك (1633 - 1701) لأنه كاثوليكي. حزب المحافظين تولى الحكم منفرداً 26 مرة، ومرتين في حكومات ائتلاف، مقارنة بالعمال (في الحكم 9 مرات) والأحرار (8 مرات) عندما كان «الأحرار» الحزب الأكبر في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين.

زعيمه الحالي، رئيس الوزراء ريشي سوناك (مواليد 1980) أول زعيم من أبناء مهاجرين هنود وديانته الهندوسية، سيقدم للمؤتمر برنامج سياسات متطورة مثلما حدث في 1834، ببرنامج أول زعماء الحزب السير روبرت بيل (1788 - 1850) وهو صاحب تحديثات شاملة ثورية مقارنة بالحزبين الكبيرين وقتها، «الويغ» و«الأحرار».

وبعكس ما تروجه المؤسسة الصحافية اليسارية، بأن المحافظين حزب جامد وعنصري، فإنه أكثر تطوراً من الأحزاب التي تصورها هذه المؤسسات بوصفها تقدمية ليبرالية تدعو للمساواة؛ فهو الحزب الوحيد الذي تزعمته سيدة 3 مرات؛ فما بين 1975 و 1990 تزعمته الليدي ثاتشر (1925 - 2013) وتريزا ماي (2016 - 2019)، وإليزابيث تراس في العام الماضي. ولم يحدث في تاريخ الأحزاب الأخرى وجود مثل هذا الحشد من الوزراء غير البيض من أبناء المهاجرين ومن النساء مثل حكومة المحافظين الحالية في وزارات: الخارجية، والداخلية، والتجارة والصناعة، والطاقة، والمعارف، والمجلس الملكي وزعامة البرلمان، والعلوم والتكنولوجيا، والزراعة والأغذية، والثقافة والفنون والرياضة، ومكتب محامي الحكومة.

سوناك، مثلما ذكرنا الأسبوع الماضي يقدم سياسات محددة معاكسة لبرامج حزب العمال الذي بدأ تقدمه في استطلاعات الرأي يتراجع. سوناك بشجاعة تحدى الأطراف المنتفعة من موجة الهوس بالبيئة والمشاريع الخضراء التي تمول من ضرائب ورسوم على الفواتير والسيارات ترهق الطبقات الفقيرة. وفي سياسة معاكسة تماماً لبرامج الأحزاب الأخرى (مثل الديمقراطيين الأحرار والخضر) التي تريد إنهاء استخراج البترول والغاز من بحر الشمال، منحت حكومة سوناك ترخيص بداية التنقيب في حقل روزبانك لشركة إيكينور (مسجلة في النرويج) باستثمار يفوق 10 بلايين دولار يستثمر أكثر من ثلاثة أرباعها في مشاريع داخل بريطانيا مباشرة، كما تخلق أكثر من 2000 وظيفة.

الخبر كان سيعلن مع بدء أعمال مؤتمر المحافظين اليوم، لكن تسربه للصحافة اضطر سوناك للإعلان عنه. لكن الحملة الشرسة التي تشنها صحافة وشبكات اليسار على سوناك بتهمة التراجع عن التزامات البيئة، في تغطية منحازة، ستكسب سوناك موجة تعاطف أكبر بين أغلبية لا تثق بهذه الصحف والشبكات. فمثلاً هي لم تذكر حقائق وأرقاماً مهمة وهي أن بريطانيا لا تزال تعتمد اليوم على البترول والغاز في توفير 75 بالمائة من احتياجات الطاقة، وهذا معظمه مستورد، والغاز من بحر الشمال يقلل الاعتماد على الاستيراد. وحتى في عام 2035 تقدر الإحصاءات أن نصف احتياجات الطاقة سيظل مصدره المحروقات الكربونية، أما في عام 2050 عندما تصل المعادلة صفراً في البيئة (وذلك بتعويض المحروقات بزراعة أشجار وتمويل مشاريع خضراء في البلدان النامية، بجانب تخزين ثاني أكسيد الكربون) ستحتاج البلاد إلى الغاز والبترول لإدارة 25 بالمائة من الطاقة. فالدفاع والطيران، وعدد من المشاريع الصناعية والأبحاث العلمية لا يوجد لها بديل عن استخدام المحروقات.

الخطوة الأخرى التي سيعلنها المحافظون ستكون لصالح الغالبية العظمى من مستخدمي السيارات، بعد أن انتشرت ظاهرتا فرض رسوم المرور بحجة الهواء النظيف، والأخرى تخفيض السرعة في الطرق من 30 كيلومتراً إلى 20 كيلومتراً في الساعة. تطبيق تخفيض السرعة بمراقبة الطرق بالكاميرات، وعمل برمجة للتعرف على أرقام السيارات والشاحنات وإصدار المخالفات لهم، ما يجعلها مصدر دخل من سائقي السيارات لخزائن البلديات والمجالس المحلية، ما دفع الكثير من المجالس إلى التوسع في سياسة إجبار تخفيض السرعة، بل إن الحكومة الذاتية في إمارة ويلز عممت السياسة في أنحاء الإمارة كافة، لكن هذه السياسات أدت لاختناقات المرور مسببة زيادة تلوث الهواء، وأيضاً تلحق خسائر بالتجارة والنقل، وتعديل شركات النقل لخطوط سير باصات الركاب لتجنب اختناقات المرور.

أكثر من ثلاثة أرباع البريطانيين يعتمدون على السيارات والشاحنات الصغيرة، وهناك أكثر من 35 مليون سيارة على الطرقات، سوناك يحاول استمالتهم إلى جانبه، إذ ينوي تقليل صلاحيات البلديات والحكومات المحلية في تخفيض السرعة على الطرقات إلى ما دون 30 كيلومتراً في الساعة، إلا في حالات ضرورات جغرافية تتطلب سرعة بطيئة كمناطق مدارس الأطفال، أو المستشفيات.

معظم مستخدمي السيارات والشاحنات الصغيرة من الطبقات المتوسطة والأقل حظاً في المجتمع، ويعيشون في مناطق بلا شبكة مواصلات كبيرة، معظمهم مستاؤون من السياسات البيئية، ومن تجاهل مؤسسات الصحافة لهم. استطلاعات الرأي بعد انتهاء مؤتمر المحافظين ستكون مؤشراً على مدى اقتناع الناخبين ببرنامج سوناك لإعادة التوازن الاقتصادي الذي أخلت به إجراءات الهوس بالبيئة، لصالح الطبقات الأقل حظاً في المجتمع.

 

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير حزب المحافظين في حملة كسب الجماهير



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab