الإجرائيات الغامضة في وستمنستر

الإجرائيات الغامضة في وستمنستر

الإجرائيات الغامضة في وستمنستر

 العرب اليوم -

الإجرائيات الغامضة في وستمنستر

بقلم - عادل درويش

رئيس مجلس العموم البريطاني، السير ليندزاي هويل، والنواب يحاولون إيجاد ترتيب فيما يعرف بـ«الإجرائيات الغامضة» arcane procedure تتيح للمجلس، ككل، مساءلة وزير الخارجية، اللورد كاميرون بشأن تعامله مع الأزمات العالمية المهددة للمصالح القومية.

تقاليد مجلس العموم لا تسمح لغير النواب (650) بوضع أقدامهم على البساط الأخضر داخل القاعة، وديفيد كاميرون ليس نائباً منتخباً.

وكان غيابه عن جلستين خصصتا لمناقشة الحرب في غزة مصدر قلق للنواب مثلما تناولنا سابقاً («أين وزير الخارجية؟» 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023).

هذا الأسبوع سافر اللورد كاميرون في جولة لمباحثات مع زعماء السلطة الفلسطينية، وإسرائيل، وقطر، وتركيا، لإيجاد طريقة لإيصال المساعدات إلى المدنيين في غزة، وتصور شكل الحكومة المتوقعة في القطاع في إطار الالتزام البريطاني الثابت بحل الدولتين.

ومع ارتفاع الأصوات (من مختلف الأحزاب)، التي تحث الحكومة بزعامة ريشي سوناك على تغيير السياسة المعلنة إلى استراتيجية الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، تزداد الحاجة لإيجاد وسيلة تمكن النواب في الجلسات المعتادة، من استجواب ومجادلة وزير الخارجية بشأن استراتيجيته.

الذي يمثل وزارة الخارجية والكومنولث أمام النواب، هو الرجل الثاني في الوزارة، أندرو ميتشيل، لأن الوزير المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط (بجانب حقيبتي آسيا الوسطى والأمم المتحدة) هو اللورد طارق أحمد، ومثل كاميرون، تحول التقاليد البرلمانية دون دخوله قاعة مجلس العموم.

والنواب غير مرتاحين لهذا الترتيب، فميتشيل، رغم كفاءته في مناصب وزارية سابقة، لا تشمل حقيبته الوزارية (التنمية الدولية وشؤون أفريقيا) أزمات كغزة، أو أوكرانيا أو الملاحة في البحر الأحمر، فيحضر بإجابات جاهزة، وهو أمر يختلف عن مواجهات الجدل للتوصل إلى تعديلات على السياسة.

كاميرون مثل بالفعل أمام لجنة الشؤون الخارجية، ويتعرض للمساءلة في مجلس اللوردات (به عدد من وزراء الخارجية السابقين)، لكن هذا لا يكفي ديمقراطياً في اعتبار البرلمانيين الأصوليين لضرورة أن تكون الكلمة الأخيرة للنواب كممثلي الشعب بالانتخاب، فدستورياً، لا سلطة تعلو فوق سلطة الشعب.

وقد يتساءل البعض: ولماذا هذه التعقيدات وبقدرة النواب صياغة قرار يعدل من اللوائح؟

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، لأن أي إجراء سيشكل سابقة في بلد دستورها غير مكتوب، وإنما مرن قابل للإضافة، لأنه يتكون من تعددية توازن بين السلطات واجتهادات القانونيين، وسوابق إجرائيات تراكم منذ صياغة الماغنا كارتا في 1215.

التحذير من أن إيجاد صيغة لتمكين النواب من استجواب اللورد كاميرون، قد تستغل مستقبلاً في أن تلجأ حكومات قادمة إلى تعيين عدد أكبر من الوزراء من خارج مجلس العموم المنتخب، وإقناع التاج بتعينيهم في مجلس اللوردات، وربما يصل الأمر إلى أن يكون رئيس الحكومة في اللوردات، ويتحجج بوجود آلية تمكنه من مواجهة النواب المنتخبين.

البعض اقترح أن يلتقي اللورد كاميرون بعدد من نواب من كل الأحزاب دورياً في إحدى قاعات اللجان الكبرى، لكن العدد سيكون محدوداً لعدم وجود قاعة تتسع للنواب كلهم.

البعض الآخر يقترح استجواب كاميرون «وراء الخط الأبيض»، الذي يعتبر «حدود مجلس العموم». وهو خط أبيض اللون على البساط الأخضر في الجانب الغربي من القاعة أمام الباب المفضي إلى اللوبي المركزي المؤدي إلى مجلس اللوردات.

وهناك أكثر من سابقة لشخصية غير منتخبة حضروا جلسات، وخاطبوا النواب من وراء الخط الأبيض داخل القاعة.

الأولى في 1814 عندما وقف دوق ويلينغتون (1769-1852) وراء الخط الأبيض، لكنه كان يشكر النواب على تأييد البرلمان للحملة العسكرية التي قادها في إسبانيا ولم يكن استجواباً.

آخر مثول من وراء الخط الأبيض كان في 1957 (حكومة المحافظين 1957- 1963 بزعامة السير هارولد ما كميلان 1894- 1986) عندما استدعي البرلمان الصحافي الأسكوتلندي السير جون جيونر (1919-1997) الذي ترأس تحرير الـ«صانداي إكسبريس» (1974-1986) لتوجيه اللوم له بتهمة «ازدراء البرلمان»، وهي تهمة بالغة الخطورة، لأن ذلك يعني ازدراء ممثلي الأمة. وكانت الـ«صانداي إكسبريس» نشرت في ديسمبر (كانون الأول) 1956 اتهامات النواب بتوزيع حصص البنزين على أعضاء الحزب أكثر من المخصص للسائقين العاديين. وقدم جيونر اعتذاره وتراجع عما نشرته جريدته قبل شهر إلى رئيس البرلمان ويليام موريسون (1893-1961). لكن جيونر هو الآخر لم يدخل في جدل أو استجواب من نواب مجلس العموم، بل قدم اعتذاراً بعد تلقيه اللوم من رئيس البرلمان وقرأ نص الاعتذار المعد من مائة وستين كلمة.

ولذلك فمجادلة نواب العموم اللورد كاميرون وراء الخط الأبيض ليس له سابقة؛ وإذا اعتمد فستكون سابقة قد يستغلها زعيم حزب الأغلبية في المستقبل بتعيين وزراء موالين له، لكنهم غير منتخبين، ما داموا يمثلون دورياً من وراء الخط الأبيض مما يناقض الديمقراطية النيابية.

فالوزير المنتخب لا يحاسب فقط برلمانياً، وإنما أيضاً من أبناء دائرته الانتخابية، كأصحاب العمل، الذين وضعوه في المنصب أصلاً، وهم القادرون على تجديد الثقة أو فصله في الانتخابات المقبلة، وهو ما لا ينطبق على حالتي اللورد كاميرون واللورد أحمد.

ولا يزال البحث جارياً لابتكار وسيلة مناسبة لا تضعف من الديمقراطية، بل تعززها في أم البرلمانات ومسقط رأس الديمقراطية الحديثة.

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإجرائيات الغامضة في وستمنستر الإجرائيات الغامضة في وستمنستر



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 02:04 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي
 العرب اليوم - اتفاق سعودي - باكستاني على إطلاق إطار تعاون اقتصادي

GMT 10:01 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة
 العرب اليوم - عمرو سعد يوجّه رسالة لمنة شلبي ويكشف عن مفاجأة

GMT 11:02 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله
 العرب اليوم - فائزة رفسنجاني تُثير الجدل مجدداً وتؤكد أن والدها تم اغتياله

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab