رمسيس الثالث في الأردن 1

رمسيس الثالث في الأردن (1)

رمسيس الثالث في الأردن (1)

 العرب اليوم -

رمسيس الثالث في الأردن 1

بقلم: دكتور زاهي حواس

كانت زيارتى إلى المملكة الأردنية الهاشمية هى آخر رحلة لى خارج مصر قبل سفرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى مايو الماضى لبدء ما يطلق عليه «جولة المحاضرات الكبرى»، والتى تشمل زيارة ٣٠ مدينة أمريكية لإلقاء ٣٠ محاضرة عامة وتنتهى الجولة فى كندا بإلقاء ثلاث محاضرات، آخرها فى الثانى من أغسطس القادم بإذن الله تعالى. وفى هذه المحاضرات التى تنظمها واحدة من كبرى شركات السياحة التى تجلب السياحة من أمريكا وكندا إلى مصر أقوم بالحديث عن الاكتشافات الأثرية التى حققتها البعثة المصرية برئاستى فى كل من سقارة والأقصر، وكذلك الحديث عن المتحف المصرى الكبير ورسالته الحضارية العظيمة للعالم كله.

أما عن زيارتى للأردن فتمت بناء على دعوة كريمة من الوزيرة لينا عناب، وزيرة السياحة والآثار، والتى حدثتنى بوجود كشف مهم يربط بين مصر والأردن فى زمن الفراعنة، وقد دعتنى لحضور الإعلان عن هذا الكشف الأثرى الجديد الذى يتمثل فى العثور على نقوش هيروغليفية منحوتة على صخور محمية وادى رم فى جنوب البلاد. والمفاجأة هى أن النقش الصخرى يحمل أسماء وألقاب الملك رمسيس الثالث أشهر ملوك الأسرة العشرين، والذى حكم من ١١٨٦ قبل الميلاد حتى ١١٥٥ قبل الميلاد، عندما مات ضحية مؤامرة دبرها له حريم القصر بزعامة إحدى زوجاته وابنها بنتاؤر.

كان رمسيس الثالث ملكًا نشيطًا، فى عصره ازدهرت البلاد واستطاع قهر الغزو المعروف باسم شعوب البحر. وكان يحب دائمًا التشبه بالملك العظيم رمسيس الثانى حتى أنه حمل نفس أسماء رمسيس الثانى بل أطلق أسماء بعض أبناء رمسيس الثانى على أبنائه هو! أما عن قصة هذا النقش الذى عُثر عليه فى الأردن ويحمل خرطوشًا ملكيًا به اسم الميلاد وآخر به اسم العرش لرمسيس الثالث؛ فلن يخرج تفسير وجوده بالأردن عن سببين لا ثالث لهما! الأول هو ارتباط هذا النقش بالرحلات التجارية المصرية التى كانت تخرج من مصر للتجارة مع بلاد الشرق الأدنى القديم، وهنا علينا أن نتذكر أنه سبق العثور على نقوش مشابهة لنقش وادى رم الأردنى على صخور واحة تيماء بالمملكة العربية السعودية على طريق التجارة القديم.

كانت القوافل التجارية المصرية تقوم بإحضار منتجات بلاد الشرق الأدنى القديم وما خلفها من بلاد كمنتجات بلاد فارس القديمة وشبه الجزيرة الهندية وما يطلق عليها الآن أفغانستان عن طريق بلاد النهرين وشبه الجزيرة العربية إلى مصر، وذلك إما عن طريق برى بحرى أو طريق برى ساحلى يصل إلى جنوب الأردن ومنها يعبر إلى شبه جزيرة سيناء. كانت مصر تصدر منتجاتها من الملابس الكتانية والحلى المصنع وأوراق البردى والنبيذ وتستورد البخور والزيوت العطرية وجلود الحيوانات والعاج والأحجار الكريمة، مثل الأزورد والمعادن الثمينة مثل الفضة.

وبناء على هذا فمن الضرورى دراسة الموضع الذى عُثر فيه على نقش رمسيس الثالث ومعرفة مدى قربه أو بعده عن طرق القوافل التجارية القديمة، وبالتالى يمكن تأكيد أو نفى سبب وجود نقوش مصرية قديمة فى هذا الموضع. أما عن السبب الثانى فقد يكون بسبب وجود بعثة مصرية للتعدين فى هذا المكان أو بالقرب منه. إن لدينا أدلة أثرية مؤكدة منذ عصر الدولة القديمة عن وجود معسكرات تعدين مصرية خارج الأراضى المصرية. ومن أهم تلك الأدلة نص كتابى عثر عليه الدكتور طارق العوضى أثناء حفائره حول الطريق الصاعد لهرم الملك ساحورع فى أبوصير بالقرب من أهرامات الجيزة. والنص عبارة عن تقرير مقدم للملك من رئيس بعثة التعدين يطمئن الملك أن البعثة عادت بخير بعد أن نجحوا فى العثور على المعدن النفيس فى منطقة «بات»، وأنهم كانوا يعملون بجهد، وكان الآسيويون يعملون فى المعسكر المصرى ويقومون بإعداد الطعام والمساعدة فى أعمال البعثة!

وعلى الرغم من عدم معرفتنا إلى اليوم بالتحديد أين تقع «بات» إلا أن المكتشف أكد على أنها تقع بالأردن وربطها بأدله كانت قد عثرت عليها البعثات الأجنبية فى الأردن بوجود معسكرات مصرية للتعدين وأعمال المحاجر فى الأردن، فى مناطق مثل وادى فينان جنوب الأردن على مقربة من العقبة. وبالتالى فنحن لا نتحدث فقط عن علاقات مصرية- أردنية تعود إلى عصر الملك رمسيس الثالث منذ حوالى أكثر من ثلاثة آلاف سنة فقط بل عن علاقات أقدم من ذلك بكثير، وتعود إلى ما يقرب من ٤٥٠٠ سنة. يبدو أن الكشف الجديد فى الأردن يفتح صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين مصر وجيرانها فى الشرق الأدنى القديم، ويبدو كذلك أن الكشف الجديد لن يكون آخر الاكتشافات الأثرية المثيرة بالأردن، ولذلك أدركت الوزيرة النشطة لينا عناب أهمية الإعلان عن هذا الكشف للعالم كله، وتم الاتفاق على تعزيز التعاون فى المستقبل للكشف عن تاريخ العلاقات المصرية القديمة بجيرانها فى الشرق الأدنى القديم، ولاسيما الأردن، وبإذن الله سيكون هناك قريبًا فريق عمل واحد من الأثريين المصريين والأردنيين للكشف عن أسرار الماضى.

 

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمسيس الثالث في الأردن 1 رمسيس الثالث في الأردن 1



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab