بقلم : سمير عطا الله
لقد انتهت الزفة الآن. وتضاءل الصخب. وبات لزاماً علينا أن نتأمل في هذه العناصر التي جعلت من زهران ممداني حدثاً في التاريخ الأميركي:
وأول وأهم تلك العناصر شخصية ممداني. شبابه في مدينة معدل الأعمار فيها 38 عاماً. طلاقته في وجه منافسه الذي أبطأه التقدم في السن.
يدفع النيويوركي 44 في المائة بدل سكن، و27 في المائة بدل نقل. وقد وعد ممداني بتجميد الإيجارات وجعل النقل مجانياً.
ووعد بإقامة الحدائق. وفي بلد يعشق الرياضة، قدّم الرياضة على كل شيء، وفي مدينة تهيم بالموسيقى، قدم نفسه موسيقياً رفيعاً.
كل هذه الصفات توافرت في أفريقي مسلم من أصل هندي. والدته عاملة في الإنتاج السينمائي الوثائقي، ووالده أستاذ جامعي متنقل من كرسي إلى آخر، منتهياً في جامعة «ييل» عز الأكاديميا الأميركية.
ممداني لم يتوسل صوت المقترع الأميركي، بل قدم له مرشحاً غير قابل للإنكار. وما يهم أن يكون غريباً في مدينة تتحدث 800 لغة ولهجة من لغات الأرض. أجل 800.
قدّم أيضاً مرشحاً مؤيداً لفلسطين، مدافعاً عن مظالمها، منذ يفاعه، ولكن في مدينة صار أهلها متعاطفين مع الضحية بعدما كانت مشهورة بأنها جزء من الرأسمالية اليهودية. فوز ممداني في نيويورك، انتصار من طبقات عدة. لقد انتصر على جميع هوياتها التقليدية:
الرأسمالي اليهودي، والسيطرة الإيطالية، والصوت الآيرلندي.
الآن هناك مساواة في الرجل المتعدد الألوان، والدليل «انتصار» العمدة الفائز على الرئيس الغاضب منه. مهاجر هندي من شرق أفريقيا يطلب منه رئيس أميركا أن يعامله «بلطافة».
السؤال الأهم:
هل يكون ممداني بداية مرحلة شاملة من التغيير أم مجرد حالة فردية؟ أي تغيير جوهري في أميركا يأتي عادة من نيويورك. من مدينة الطيف البشري اللامحدود. مدينة اللهاث خلف النجاح، والثروات، والبوابة الأولى للولايات الأخرى. والآن، إما أن يخطفها زهران «إلى الأبد»، وإما أن يكون نجاحه محصوراً في الفوز.