بقلم : سمير عطا الله
استقبل البعض «الانتخابات» التي أُجريت في سوريا بالنقد؛ على أساس أنها «لزوم ما لا يلزم» في هذه المرحلة. ورأى البعض الأكثر تفاؤلاً أن «انتخاباتِ رفْعِ عتبٍ» أفضلُ من «عتبٍ بلا انتخابات». لا يزال أمام سوريا، وهي في طريق العودة إلى نفسها، كثير من القضايا الجوهرية والشكلية، والخروج من حالة عمرها أكثر من نصف قرن، وتُفترض إزالة كثير من العُقَد، وكلها من نوع «يا للهول».
مقابل هذه اللائحة البائسة التي تبدو مسمرة «إلى الأبد»، تبدو تلك اللوحة الأخرى، وهي أن العلة ليست في السوريين، وإنما في سوريا، أي في النظام الذي تحشر فيه؛ الرجال الذين يغلقون عليها النوافذ والأبواب خوف اكتشاف العصر ومقاييس الزمن.
وأصحاب هذه النظرية يعطون مثالاً على ذلك الشأنَ الذي يبلغه السوري في الدول المستقرة القانون. نموذج ألمانيا لا يكاد يصدَّق... من بين مليون سوري نجح ألوف الأطباء والتجار وأصحاب المهن العلمية والتقنية، وانخرط كثيرون في مؤسسات الدولة.
يتساوى ما حققه المهاجر السوري في ألمانيا مع ما حققه أي مهاجر أوروبي. كذلك في تركيا. وأيضاً في مصر، حيث الوضع الاقتصادي دقيق، والمنافسة حادة.
أُخرجت سوريا من صفوف الدول العادية منذ زمن طويل... ربما منذ قصف الوحدة مع مصر عام 1961، وربما منذ «ثورة 8 آذار (مارس)» البعثية المجيدة، وربما منذ «الثورة التصحيحية» عام 1970 عندما وضع عسكري واحد جميع الانقلابيين في زنزانة واحدة، وجميعَ المدنيين في رعب واحد، وجعل من الحكومات مجلساً بلدياً لا يقابِل معظمُ أعضائه رئيسَ الدولة إلا في ذكرى الاستقلال، وعيد الحرية، والاشتراكية، وطبعاً، الوحدة، خصوصاً مع فرع العراق.
لا أحد يتوقع من أحمد الشرع المعجزات... الطريق طويلة ومعقدة، والمخاوف لا تزول سريعاً. لكن الرجلَ حتى الآن أسلوبٌ مختلف، وهو بالدرجة الأولى مختلفٌ عن نفسه، بصرف النظر عما حدث في عهده من تقصير أو أخطاء، بعضها لا يُغتفر، كمثل ما حدث للدروز، والعلويين.
مهمةُ الرجل الأولى والكبرى إعادةُ اللحمة إلى البلاد. كان غسان تويني يقول: «أعطوا شعبي السلام وخذوا ما يدهش». أعيدوا إلى الشعب السوري وحدته، وتذكروا ألمانيا.