مَحَبَّة

مَحَبَّة

مَحَبَّة

 العرب اليوم -

مَحَبَّة

بقلم : إنعام كجه جي

ومحبة القهوجي هو اسمها. عراقية في الحادية والعشرين من العمر فازت قبل أيام بالجائزة الأولى في مسابقة البلاغة والخطابة بين طلاب الجامعات الفرنسية. أقيم حفل حاشد لتسليمها الميدالية في قاعة ريشيليو، كبرى قاعات جامعة السوربون. سقوف وجدران مرسومة بتصاوير عصر النهضة تردّد للمرة الأولى أصداء هلاهل عراقية. وفي الصف الأخير من القاعة وقف رجل يمسح دمعة فرح واعتزاز. سعد وعد الله القهوجي، والد محبة، معلم التاريخ الذي أرغمته ظروف الهجرة على ترك العمل الذي يحب.

لم تهبط البنت الموصلية على السوربون بالمظلة. كانت تحتفل بعيد ميلادها الحادي عشر يوم غزا مقاتلو «داعش» مدينتها في ليلة ظلماء. سلبوا منازل مسيحييها وهددوهم بالقتل. أخذ الأب زوجته وبناته الثلاث وتوجه نحو قرى الشمال. وصلوا دهوك واستأجروا شقة من غرفتين تقاسموها مع عشرين فرداً من الأعمام والعمات وأبنائهم المهجرين. وبمساعدة جمعية إنسانية انتقلت الأسرة إلى بيروت ومنها إلى فرنسا. وصلت إلى باريس أوائل صيف 2015، بعد عام بالتمام من استباحة الموصل.

تسجلتْ محبة في المدرسة. ألحقوها بصف مخصص لأبناء الأجانب. ولم تكن تفقه شيئاً مما يقال. تسمع اللغة الفرنسية وتتصور أن من المستحيل أن تتعلمها. لكنها بعد أشهر قلائل نجحت في الاختبار وانتقلت إلى مدرسة عادية. كان في المنهاج مسرحية «جزيرة العبيد»، قرأتها فلم تفهم نصفها لكنها استوعبت الفحوى. وبعد سنوات، عادت لمطالعة المسرحية نفسها في المرحلة التمهيدية لدراسة الأدب ونالت أعلى علامة في الصف.

أحبت اللغة الجديدة وتفوقت فيها. تم قبولها في المعهد العالي للأساتذة في جامعة دوفين الرصينة. تدرس العلوم السياسية وتقرر أن تتحدى نفسها وتتقدم للمسابقة الوطنية للخطابة والبلاغة. كان على كل متقدم، في التصفية الأولى، أن يتحدث لمدة ثلاث دقائق عن البحر. والفائز سيلقي خطابه أمام مؤتمر حول البحار تنظمه الأمم المتحدة هذا الصيف.

لم تعرف البنت بحراً من قبل. كانت السماء هي الفضاء الرحب الوحيد المفتوح أمامها كطفلة في بلد محكوم بالخوف والتفجيرات. ومن شباك الطائرة التي نقلتهم من مطار أربيل إلى بيروت رأت البحر للمرة الأولى. لذلك ابتدأت خطابها في المسابقة بالقول: «حين ابتلت قدماي بماء البحر للمرة الأولى كانت عيناي شاخصتين نحو الأعلى. قبل أن أرى البحر طالعت السماء».

والفرنسيون مثلنا. شعب كلام وأشعار ومشاعر. يقدرون الثقافة ويحفظون الخطب التاريخية العصماء ويتأثرون بالسياسي الأكثر بلاغة. استمعوا إلى الطالبة العراقية وهي تخاطبهم بلغة صحيحة وصوت واثق. تحكي لهم عن فهمها للحرية وعن أولئك الذين يلقون بأنفسهم في البحر بحثاً عنها. «رؤيتي للبحر كانت بشارة أفق جديد في حياتي».

أسأل محبة القهوجي: بأي لغة تفضّلين أن يكون حديثنا؟ تجيب: بالعربية طبعاً. أفتخر بأنني ما زلتُ أقرأ وأكتب بها. لو لم أكن عراقية لكان حلمي أن أكون عراقية.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَحَبَّة مَحَبَّة



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab