بقلم:فاروق جويدة
وصلتنى رسائل كثيرة تعليقاً على صديقى الذى تجاهل تليفوناتى ولم يرد، وقال البعض لا تحزن لأن أخلاق الناس تغيرت، ولم تعد العلاقات بين الناس حتى الأصدقاء كما كانت. ولكن الأزمة أننى كنت أتحدث عن صديق عمر، وكانت بيننا ذكريات ومواقف، وأنا لم أتخل عنه يوماً ووقفت معه فى أزمات كثيرة، وحين طلبته لم يكن عندى سبب أو طلب أو خدمة، كنت أسأل عنه وأطمئن عليه. وأنا عادة لا أطلب شيئاً من أحد حتى لو كان صديقاً.
ولكن هناك حقيقة توصلت إليها أن الناس لم تعد تتحمل بعضها، وأن الملل أصبح أزمة حقيقية فى العلاقات بين الناس، حتى الحب تغيرت مواصفاته وأحواله وافتقد الكثير من مشاعره القديمة. وقد توصلت إلى نتيجة أستريح بها: من سأل عنى أهلاً بسؤاله، ومن أخذ جانباً فلا مبرر للزعل والعتاب، وكلانا غنى عن أخيه. وأنا أرى أن البعد أحياناً يفيد العلاقات الإنسانية ويجعلها أكثر قرباً، ولن أحزن على صديق باع أو نسى أو أهمل، لأن أجمل الأشياء فى الحب والصداقة هى التواصل، وإذا ذابت خيوط المودة فإن إكرام الميت دفنه، فلا تحزن على صديق تخلى أو غدر أو تغير، لا أحد يساوي.
يمكن أن تحزن بعض الوقت على صديق سقط من بين يديك، ولا تحاسب طريقاً خذلك أو حبيباً نسيك أو صديقاً نسى رقم تليفونك. لقد انتهى زمن الأجندات، وكل ما بقى لك بضعة أرقام مازالت فى الذاكرة وقد تسقط هى أيضاً.
بقاء الأصدقاء قضية صعبة لأن الصديق مثل الشجرة قد تتعب فيها ولا تثمر وقد تمنحك أحلى ثمارها، وكلنا يزرع وتبقى حظوظ الأصدقاء من أجمل حظوظ الدنيا إذا صدقت.