بقلم : فاروق جويدة
أصبح المال السلطان الحاكم وصاحب الكلمة فى دنيا البشر، ابتداءً بميزانيات الدول وانتهاءً بمرتبات الأفراد.. إن المال الآن يحكم سياسات الدول ومواقف الشعوب، وهو يتحكم فى موازين القوى، لأنه يشترى الطعام والسلاح والمواقف.. أمام سلطان المال يركع الجميع، ومن لا يملك المال مفقود يا ولدي، مفقود.. والشعوب الآن ترفع راية الاستسلام كلما أطَلّ المال بطلعته البهية، ومن يملكون المال الآن يحكمون العالم، وليس للفقراء صوت ولا مواقف. إن الجميع ينتظر عطايا أصحاب الأموال، والذين خرجوا وتمردوا على المال يجلسون على أرصفة التاريخ، حيث لا طعام يكفيهم، ولا سلاح يحميهم، ولا أحد يسمعهم..
والقرآن الكريم وضع المال قبل الأبناء فى ترتيب الأهمية: المال والبنون زينة الحياة الدنيا..
وإذا كانت السياسة هى التى حكمت العالم يوماً، فإن المال هو الذى يحكم الآن كل شئ، بما فى ذلك مواقف الشعوب وسياسات الدول. وأكثر الجرائم تداولاً الآن هى قضايا النصب والتحايل والاستيلاء على أموال الناس، ومن أخطر الظواهر انتشاراً: النصب والتحايل بين الأفراد وأصحاب القرارات. ومن يملك المال يستطيع أن يشترى كل شئ، وفى أسواق المال تُباع الذمم والكرامة، ولا أحد يعلم مصير العالم حين يشترى الأغنياء فقراء البشر.. أسعار الذهب الآن هى التى تحدد قيمة البشر، ولا مستقبل لمن لا يملك طعام يومه.
فى يوم من الأيام انطلقت دعوات تقول: «يا فقراء العالم اتحدوا»، والآن أصبحت: «يا أغنياء العالم، أنتم السادة، وكل شئ بين أيديكم».. لقد اختلطت الأوراق والأدوار أصبحت السياسة من حظ رجال الأعمال وأصبحت القرارات من حق أصحاب الأرصدة وتحكم المال فى الطعام والسلاح والحرب والسلام، ماذا بقى بعد ذلك.؟