بقلم : فاروق جويدة
سألتني: أيهما أجمل فى العلاقات بين البشر، الحنين أم الحنان؟
قلت: هناك اختلاف كبير بينهما، لأن الحنان واقع وحياة، والحنين ذكرى.
الحنان صفة يجتمع الناس عليها، وهى تمنح الحياة شيئًا من الدفء والأشواق.. والغريب أن كل الكائنات تشعر بالحنان؛ فالطيور تحزن حين تترك بيوتها، والحيوانات تأنس لبعضها، حتى الأشجار تتنفس حنانًا.. والإنسان حين يحب يصبح الحنان جزءًا من مشاعره، وأجمل ما فى الحب الحنان، والقسوة أشد أعداء الحنان.. والمرأة مصدر الحنان، وإذا غاب عنها فقدت أجمل ما فيها.. وللحنان أماكن فى القلوب، وحين يختفى تصبح القلوب كهوفًا تسكنها الوحشة، وإذا غاب الحنان لن تجد فى الحياة إلا قسوة القلوب.. الحنان ينبت فى أحضان الأمومة، ثم ينطلق فى سماء الكون يمنح الحياة الجمال والمتعة.
أما الحنين فهو مشاعر مختلفة؛ إنه الشوق والذكريات والماضى الجميل..
وإذا كان الحنان يمنح القلوب البهجة، فإن الحنين يعيش فى مواكب الذكرى، وقد يحمل الألم ويصبح طيفًا عابرًا بين الحقيقة والخيال.. الحنين قد يكون حبيبًا أو مكانًا أو أطيافًا أو حلمًا تعثّر وانتهى.
فى كل الحالات، الحنان إحساس يسعدنا، والحنين زائر يشقينا، وكل إنسان يلقى حظه فى الحياة.. والغريب أن يجتمع الحنان والحنين فى لحظة واحدة، أن يشتاق الإنسان لحبيب ذاق معه حلاوة الحنان وفرقت بينهما الأيام، ولم يبقَ غير الحنين.
وتمضى بنا الحياة ما بين دفء الحنان ووحشة الحنين، ونحن لا نعرف ماذا بقى من الحنان، وماذا ترك لنا الحنين..
فى هذا السياق يتمنى الإنسان لو عاش لحظة حنان مع دفء المشاعر، وإن كان ولابد من الحنين فإن أبوابه كثيرة، سواء كان حنينًا لذكرى أو شوقًا لأحباء غابوا.