بقلم : فاروق جويدة
أصبح من السهل الآن ألا يسأل عنك أحد وأنت تعانى ظروفًا صعبة.. تخيل أن تلتقى بجارك فى الأسانسير فلا يصافحك، أو أن تطلب طبيبًا لحاجتك الشديدة فلا يرد عليك، أو أن تذهب إلى البنك فلا تجد معاشك، أو أن تسافر زوجتك وأنت على سرير المرض، أو أن تجد نفسك عاجزًا عن سداد مصاريف المدرسة لابنك الوحيد لأنها ارتفعت بصورة مجنونة، أو أن تقف متعبًا أمام المستشفى، لأنك لا تملك رسوم الدخول..
تخيل الآلاف الذين يعيشون حولك ويغلقون الأبواب على أنفسهم حتى لا يراهم أحد حفظًا لشيء يُسمى الكرامة.. صور كثيرة تدور حولنا ولا نراها، وقد يراها البعض ولا يهتم بها.. منذ أن انقسم المجتمع وتحول إلى جماعات وقبائل، اختلفت الملامح والأماكن والقدرات، وأخذ البعض جانبًا دون مراعاة لظروف ومعاناة الآخرين..
فى زمان مضى، كانت البيوت تقتسم كل شيء، حتى فى المناسبات الحزينة.. فى ريف مصر، كانت البيوت ــ كل البيوت ــ تقدم وجبات الطعام، وكانت حشود الجيران تتنافس، كل بيت حسب قدراته.. لا أدرى ما أسباب هذا البعد والجحود بين الناس، وأين القادرون فى مجتمع يعاني؟ هل هو غياب الإحساس؟ أم الانقسام الطبقى الرهيب؟ أم أنه العدل الغائب والرحمة التى سافرت أمام واقع أليم؟
هناك حالة من البخل أصبحت ظواهر مرضية، لأن الناس لم تعد تشعر ببعضها.. إن البخل فى الأوطان يقتل الانتماء، ويفرق الصفوف، ويجعل الحياة أكثر قسوة وضياعًا، جار بخيل، شعب لا يمد يده بالعدل والرحمة.. حياة قاسية.