بقلم : عبد المنعم سعيد
لفت نظرى فى قراءات الفارق بين الولايات المتحدة والصين أن كتّابا رأوا أن سلوكيات المحامين وطريقة تفكيرهم هى التى تحدد الحركة الأمريكية بينما المهندسون يحددون طرق العمل الصينية. المحاماة هنا ليست فقط مرتبطة بالدفاع عن البشر فى ساحات المحاكم؛ وإنما هى المهنة المهتمة بقواعد إدارة المجتمع فى كل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والهندسة هنا لا تعنى فقط تصميم وإقامة المشروعات سواء كانت مساكن ومصانع، وإنما هى متصلة بكل ما هو تكنولوجى يقدم ويدفع خلق السلع وإنتاجها وتسويقها. المحاماة مغلقة على ذاتها فى قواعد ودساتير ومجادلات وهجوم ودفاع؛ والهندسة على العكس معنية باستخدام قوانين الطبيعة فى الاستجابة لاحتياجات البشر. فى الواقع المحاماة تحكم حالة البشر فى فجورهم وتقواهم، بينما الهندسة تلبى حاجة الإنسان للانتقال من حال إلى آخر. الأولى محافظة على التقاليد وما استقر فى العرف، والثانية تعيش على الحداثة والتقدم. الكتاب الذين اهتموا بمركزية دور المحامين فى الحياة الأمريكية؛ وجدوا المهندسين يقودون عمليات التغيير الكبرى فى الصين من بلد يعانى أحيانا من المجاعة إلى دولة غنية تتمتع بثروات طائلة. المعلومة المذهلة أن المجلس السياسى فى الحزب الشيوعى الصينى «البوليتبيرو» جميعه من المهندسين.
الفارق فى مصر بين المحامين والمهندسين يظهر فى كتابات ومقالات يسيطر عليها الفكر القانونى أو التطبيقات الهندسية. فى داخل المجالس التشريعية يسود فكر المحامين؛ بينما فى دوائر الدولة فإن المهندسين لهم اليد الطولي. المحاجاة بين الطرفين تدور حول ما بات معروفا بفقه الأولويات حيث الأولون يهتمون بتوزيع الثروة ويفضلون دائما الإنفاق على التعليم والصحة والتقليل من «العقارات». ولديهم أن كل ما جرى خلال السنوات العشر الأخيرة لم يكن إلا عقارات؛ المصانع والطرق والكبارى والمواصلات والاتصالات والقضاء على فيروس سى الكبدى الوبائى ومواجهة « كوفيد 19» وبناء المدارس والجامعات ما هى إلا عقارات. المهندسون يشكون من الإجراءات والقواعد التى تكبل انطلاقة مصرية نحو المستقبل الذى يطور البيئة المادية للدولة.