بقلم : عبد المنعم سعيد
«المتحف المصرى الكبير» قدم لنا الكثير من قيم الغنى حيث جاء إلى «الجوهرة» العالم وسوف يستمر فى المجيء؛ واختراق الزمان حيث ما هو كريم ومخلد؛ وإشهار البناء صفة مصرية أصيلة. المشروع الوطنى الحالى الذى تجسد فى عشر سنوات من العمل الممتد على كامل الإقليم المصرى فى شرقه وغربه وشماله وجنوبه، ومارا بالشعب المصرى وآدابه وفنونه؛ ظهر لاستعادة مجد قديم وبقى أن يمده إلى المستقبل. واحد من شروط انطلاق المشروع الالتزام بما جاء فى «رؤية مصر 2030» التى أثبتت جديتها عبر عقد كامل لم تتوقف فيه عجلة العمل عن الدوران لتوفير مياه جديدة من خلال محطات هائلة للتنقية تكفى دلتا جديدة وأرضا فى سيناء شاسعة. مثل ذلك وما هو أكثر فى المحروسة لم يكن ليتم إلا من خلال المحافظة على السلام فى منطقة محترقة بنيران الحرب وأحقادها وكراهيتها التى تستهلك الطاقات والموارد خاصة عندما تختلط بنوبات أخرى من الشك والبلاء التى تجعل القادة يعيشون وسط ضغوط طائلة.
ثلاثة آلاف عام فى مصر القديمة شهدت أن ما قدمته من عظيم البناء جرى فى فترات كان فيها النهر كريما والسلام قائما فى ربوع البلاد. جاء عهد الأسرات وإنشاء الأهرامات عندما أتمت مصر وحدتها بين الشمال والجنوب؛ وشكلت ديانتها الأوزيرية بقواعدها الأخلاقية والنفسية. وسواء كان الأمر داخليا أو خارجيا فإن عصور الحرب الأهلية التى قسمتها بين ديانة آمون وديانة آتون، والحروب الخارجية التى خرجت فيها لصد العدوان وتلافى التهديدات الإمبراطورية لآخرين لم تكن أكثر أوقاتها سعادة. رمسيس الثانى يبدو أن عظمته فى المملكة الوسطى لم تكن فقط لكونه محاربا؛ وإنما أكثر من ذلك كانت لكونه يعرف كيف يعقد السلام. الألف عام الأخيرة جذبت فى ضعفها الغزاة والانقسام الداخلي؛ تماما كما حدث لمصر خلال الخمسينيات والستينيات، ولكن خلال نصف القرن الأخير أعطاها السلام القدرة على استيعاب عيش ورفاهة شعب قدره أكثر من 100 مليون.