بقلم : عبد المنعم سعيد
بعد الحرب العالمية الثانية دخلت الدول العربية مرحلة الاستقلال بالدبلوماسية أو السياسة أو السلاح؛ وفى داخلها اعتمدت كما ذكرنا على منتج واحد، أو حزمة صغيرة من المنتجات؛ وقام عقد اجتماعى على رعاية الدولة العربية لمواطنيها مقابل القبول بنظم سياسية مركزية فى يد فرد أو أسرة أو حزب. وكانت النتيجة توازنا سياسيا واقتصاديا مستقرا عند الحدود الدنيا، فلا هو يؤدى إلى المجاعة التى عرفتها إفريقيا، ولا هو يؤدى إلى الانطلاق والتفوق الذى عرفته آسيا. وهنا من الضرورى أن نبقى فى الذهن أن هناك فارقا بين «التاريخ» و«الرؤية» و«الإستراتيجية»؛ الأول حالة من آلاف المتغيرات المادية والمعنوية التى لا يملك الإنسان التحكم فيها؛ والثانية جهد إنسانى لاستشراف المستقبل والسعى للوصول إليه؛ والثالثة هى خطة لاستخدام وسائط بشرية ومادية للوصول إلى أهداف بعينها فى ظل حساب الفرص والمخاطر. وبعد «الربيع العربى» انطلقت فى مصر والسعودية والإمارات والكويت وقطر وعمان والأردن والمغرب «رؤي» مختلفة للإصلاح والتغيير، كان بعضها شاملا متخذا إطارا زمنيا بين 2015 و 2030؛ أو جزئيا يتعلق بقطاع بعينه، أو نطاقا إقليميا محددا؟ ما بات معروفا بالربيع العربى أدى إلى عدد من النتائج:
أولا أن الأوضاع القائمة لا يمكنها الاستمرار. وأدى «الربيع العربي» إلى العديد من الدول الفاشلة ـ العراق وسوريا واليمن وليبيا وقبلهم السودان والصومال ـ والحروب الأهلية التى نجم عنها مئات الألوف من القتلى وملايين من الجرحى، وأكثر منهم من اللاجئين والنازحين. وثانيا تولد عن «الربيع العربى» حالة ثورية لفاشية دينية هزت المنطقة وتعرض الدين الإسلامى للخطر، وحمل العالم الدول العربية الإسلامية مسئولية هذه الحالة. وثالثا ضاعف من تأثير هذه الحالة الثورية الانسحاب الأمريكى من المنطقة، مضافا إليه محاولات إيران وتركيا وإسرائيل استغلال الفراغ السياسى والإستراتيجى الناجم عنها خاصة مع سقوط سوريا والعراق فى غياهب الحرب الأهلية. رابعا لحسن الحظ تولد عن ذلك كله رؤى الإصلاح.