بقلم: عبد المنعم سعيد
فى معرض الحديث عن «المحتوى» الفكرى والإعلامى فإن «تحديث الحداثة» هو جوهر «التغيير» الدائم ليس فقط فى الحياة الإنسانية، وإنما أيضا فى حياة الأمم، وهى فى حالتنا هنا مصر والإقليم الذى تعيش فيه. وسبق القول إن الإقليم العربى ينقسم إلى 12 دولة لا توجد فيها لا ميليشيات ولا حرب أهلية، وجميعها لديها «رؤية» للتنمية والرخاء والمستقبل الذى يتحدد عند عام 2030 أو ما هو أكثر. العشر دول الأخرى ابتليت بالداء والانقسام والاحتراق الداخلى. وللحداثة فى علم السياسة أربعة أبعاد: «الهوية» التى تجعل جماعة من المواطنين تنتمى لبعضها البعض ولأرض لا توجد لغيرها تعرف بالوطن؛ وكلما تقدمت الجماعة فإنها تخترق إقليم الدولة وتقيم سيادتها عليه؛ وفى هذا الشأن وغيره تجرى تعبئة الموارد المادية والبشرية؛ ويتم ذلك من خلال عملية تشاركية بين المواطنين والحكام تكفل الاستقرار والتوازن فى المجتمع. ولمصر فى هذا الأمر قصب الأسبقية عندما بدأ محمد على الكبير رحلة مصر مع «الحداثة» واللحاق بالعالم المعاصر بعد الخروج من عصور وسطى مظلمة؛ ومن بعدها وفى القرن العشرين توالت الحداثة على الدول العربية الأخري؛ ورغم السوءات الكثيرة لما عرف بالربيع العربى، فإن جيلا جديدا بزغ بات منفتحا على الحداثة فى منطقة الخليج التى أقامت هويتها على الرفع من شأن المرأة وقيادة المواطنين فى العملية الإنتاجية والانفتاح على العالم الخارجى.
الآن، فإن دول «التحديث» العربى تواجه بزلزال إقليمى نتج عن حرب غزة الخامسة خاصة بعد امتدادها إلى الجوار الإقليمى فى إيران والبحر الأحمر؛ وهى فى حالة من الإصرار على مواجهة الأخطار الخارجية (الإسرائيلية خاصة) فى ناحية، ومواصلة خططها التنموية فى ناحية أخرى. وهنا تحديدا توجد المعادلة التى تتطلب الاستقرار والتعاون الإقليمى سواء فى مجالات البنية التحتية والإنتاجية؛ أو فى دفع الضرر والأخطار التى تشمل الإرهاب والتنظيمات التى تبذل قصارى جهدها لجر عربة الحداثة فى الاتجاه المعاكس. «تجديد الفكر الدينى» يتطلب «تجديد الفكر المدنى».