بقلم : أسامة الرنتيسي
سنرفع القبعات ونقدم الشكر لمن قرر زرع أرصفة شوارع العاصمة عمان بأربعة آلاف كاميرا إذا تم منع المخالفين لقانون النظافة العامة من قذف بقايا شرابهم وطعامهم وأعقاب سجائرهم وعلبهم الفارغة، من دون شعور بالخجل والأدب في الشوارع والساحات.
يستفزك السائقون وركاب السيارات ومستخدمو شوارع العاصمة عندما يفتحون نوافذ سياراتهم ويلقون النفايات في الشارع، وعندما تنظر اليهم معاتبا يغضبون .
قبل فترة في خطبة الجمعة الموحدة التي توزعها أُسبوعيًا وزارة الأوقاف كان موضوعها عن النظافة، تحمس شيخ حارتنا في ذكر محاسن النظافة وأنها جزء من الإيمان، لكنه تناسى أنها أساس المواطنة، وشعور كل مواطن أن نظافة شوارع مدينته، وحول بيته هي حزء من نظافته الشخصية.
راقبت المصلين في أثناء خروجهم من المسجد، وكان مقابل بوابات المسجد أطفال يوزعون بروشورات لأحد مراكز اللياقة البدنية، كان منظر المصلين غريبا، وهم يخرجون من المسجد ولا يزال صدى كلام الشيخ عن النظافة يتردد في آذانهم، معظمهم كان ينظر بطرف عينيه إلى البروشور وبعد خطوتين أو ثلاث يقذفُه على الأرض، ولم يتعظوا بخطبة الشيخ، ولا أن “النظافة من الإيمان”.
لو زرعت وزارة البيئة لافتات على أرصفة الشوارع العامة جميعها، تدعو للمحافظة على النظافة وعدم إلقاء القاذورات في الشارع العام، فلن يقرأها الذين يستسهلون ذلك، ولن يلتفتوا إليها.
ولو قدمت عشرات الفيديوهات تدعو فيها إلى المحافظة على النظافة فلن يستمع اليها أحد.
فقط بالقانون وتغليظ العقوبات يمكن أن يتم منع التعدي على نظافة الشارع العام.
لن يتوقف أي سائق عن رمي أعقاب ومغلفات السجائر، أو كاسات القهوة الفارغة، أو محارم الفاين بعد استعمالها من شباك السيارة إلا إذا خاف من عقاب رادع بالقانون يفرض عليه دفع غرامة مالية موجعة في المرة الأولى، وتغليظ العقوبة إذا تكررت المخالفة.
معظمنا نشاهد سواقين كثيرين يلقون كل ما في أيديهم من سجائر ومحارِم وعلب مشروبات فارغة في الشوارع العامة، من دون أي حس بالمواطنة وأن هذه الشوارع جزءٌ من بيوتنا، إن كنا نظيفين في بيوتنا فلن نفعل ذلك في الشوارع، ولن يتعدل هذا السلوك الخطأ من دون قانون حازم.
ونشاهد من يضع أكياس النفايات السوداء (هذا إن وضعت في أكياس) قرب حاويات النظافة لا داخلها.
لن تنظف شوارعنا ولا أرصفتها، حتى لو كان عدد عمال الوطن أضعاف عددهم حاليا، إذا لم تتحول النظافة إلى ثقافة وسلوك يمارسهما الجميع، والشعور بأن الشارع والرصيف ومحيط البيت جزء من البيت ذاته.
في زمن الكورونا وتوحشها توقع كثيرون أن نتحول إلى مجتمع مثالي، نغسل أيدينا بالماء والصابون ونعقمها جيدا، لكن هذا للأسف لم يحدث أبدا أبدا.
حتى نصل إلى مرحلة الحياة الجديدة، ونحمي منظومة الأخلاق العامة من الانهيار أكثر سنخطئ كثيرا، ونتعلم أكثر، لكننا للمرة المليون نقولها: لن نتعلم إلا بالقانون المطبق على الجميع.
الدايم الله….