لا حلّ في السودان من دون خروج الجنرالين

لا حلّ في السودان... من دون خروج الجنرالين

لا حلّ في السودان... من دون خروج الجنرالين

 العرب اليوم -

لا حلّ في السودان من دون خروج الجنرالين

بقلم : خير الله خير الله

أخذ الجنرالان عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) السودان إلى مأزق لا يستطيع أي منهما الخروج منه. لا يستطيع أي من الجنرالين استيعاب معنى أن لا حل عسكرياً في السودان. لن يُخرج السودان من أزمته غير مسار سياسي يبعد الجيش عن كلّ ما له علاقة بالسلطة والسياسة. في تاريخ السودان الحديث، تناوب العسكر والمدنيون على الحكم. تبيّن أن العسكر، من إبراهيم عبود، إلى جعفر النميري، إلى عمر حسن البشير كانوا فاشلين في كلّ وقت. هرب العسكري محمّد سوار الذهب من السلطة نظراً إلى أنّ كان يعرف أن ضبّاط الجيش لا يصلحون لحكم السودان.

لعب كلّ من هؤلاء، باستثناء سوار الذهب، دوره في القضاء على مؤسسات الدولة السودانية. شمل ذلك بالطبع بهلوانيات عمر حسن البشير، خريج مدرسة الإخوان المسلمين، الذي كان مستعداً لأي شيء، بما في ذلك تقسيم البلد، من أجل الاحتفاظ بالسلطة.

يظلّ المدنيون الحل الأقلّ كلفة للسودان. أخيراً، جاء القرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة في جنيف، متفقاً مع ضرورة البحث عن حل سياسي. دعا المجلس، مؤيداً موقف دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى تشكيل حكومة انتقالية تمهّد لعودة الحياة السياسية المدنية إلى السودان بديلاً من الجنرالين المتصارعين الواجب إبعادهما عن المشهد السوداني. سارع البرهان إلى رفض قرار المجلس مؤكّداً إصراره على الاستمرار في الحرب من منطلق أن الانتصار على خصمه بات قريباً. يعتقد ذلك على الرغم من الهزائم التي لحقت به أخيراً.

كلّ ما يستطيعه البرهان متابعة حرب لا أفق سياسياً لها. يعتمد منطق العناد أكثر من الواقع. منذ متى كان العناد سياسة؟ لا يدرك الجنرال البرهان أنّ هذه الحرب لن تؤدّي سوى إلى مزيد من الخراب والدمار لبلد كان ممكنا أن يكون السلّة الغذائية للعالم العربي، في ضوء ما يمتلكه من خيرات وثروات طبيعيّة. مع استمرار الوضع القائم حالياً، لم يعد مستبعداً أن يأخذ البرهان و«حميدتي» السودان إلى التفتت.

لم يستوعب البرهان أن إلقاء اللوم على جهات خارجية ليس سوى هرب من الواقع. إنّّه واقع متمثّل في أنّ في أساس الأزمة الراهنة صراعا على السلطة بين جنرالين ركب كلّ منهما رأسه. لا خروج من الأزمة من دون خروج الاثنين، لا لشيء سوى لأنّ أياً منهما لا يصلح لبناء دولة ذات مؤسسات ديموقراطية حديثة. يطمح كلّ منهما على طريقته إلى تكرار تجربة الضابط عمر حسن البشير الذي حكم السودان بين 1989 و2019 معتمداً في شكل أساسي على تنظيم الإخوان المسلمين من جهة وعلى الانتهازية، بأسوأ أنواعها، من جهة أخرى.

عرف البشير كيف يستغلّ المنظّر الإسلامي الدكتور حسن الترابي، إلى أبعد حدود وما لبث أن ألقاه في السجن. كاد أن ينفذ به حكماً بالإعدام مرّتين لولا تدخّل علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني الراحل الذي اغتاله الحوثيون في العام 2017. أبلغني ذلك علي عبدالله صالح في أثناء إحدى الجلسات عندما سألته عن البشير وطبيعة العلاقة التي ربطته به وسرّها.

لم يقتصر الأمر على تفادي إعدام الترابي، بناء على نصيحة علي عبدالله صالح الذي أبلغه أن «ذلك ليس في مصلحته ومصلحة بقائه في السلطة».

لم يتردّد البشير في الذهاب إلى تقسيم السودان. اختار التقسيم وانفصال الجنوب عندما بدا أنّ استقلال جنوب السودان ضمانة لاستمرار نظامه. طرد أسامة بن لادن، من السودان لدى اشتداد الضغوط عليه. كذلك سلّم الإرهابي «كارلوس» إلى فرنسا عندما دعته الحاجة إلى ذلك.

كلّ ما في الأمر، أن الشعب السوداني ثار على البشير في العام 2019. كانت تلك فرصة أمام البرهان و«حميدتي» للعمل على التخلّص من الرجل الذي حكم السودان طوال ثلاثين عاماً... وهمّه الوحيد البقاء في السلطة بأي ثمن. تلك الذهنيّة التي تتحكّم بفكر الإخوان المسلمين في كلّ أرجاء المنطقة العربيّة. لذلك لم يكن غريباً استعانة البشير في مرحلة معينة بإيران من أجل تثبيت نظامه. يوجد لدى الإخوان المسلمين شبق إلى السلطة لا شبق بعده. لا يدلّ على ذلك سوى ممارسات «حماس» المصرّة على حكم غزّة... على أنقاض غزّة.

لا فارق بين البشير وكلّ من البرهان و«حميدتي». استغلا الثورة الشعبية، التي شاركت فيها نساء السودان وشبابه، من أجل إزاحة الرجل تمهيداً لمحاكمته. لكنّ كبار قادة الجيش السوداني كانوا يمتلكون أجندة مختلفة. كانوا يريدون استعادة تجربة البشير ولكن من دون وجوده.

نعم، وقعت مجازر رهيبة في الفاشر ارتكبتها قوات «الدخل السريع». جاء ذلك ردّاً على مجازر أخرى ارتكبتها القوات التابعة للبرهان في خلال عمليات عسكرية استهدفت إخراج القوات التابعة لـ«حميدتي» من كلّ الخرطوم. من هذا المنطلق، لا شرعيّة لـ«حميدتي» ولا شرعيّة من أي نوع للبرهان الذي رفض منذ اليوم الأوّل لسقوط البشير قبول عودة السودان إلى حكم مدني يشرف عليه اختصاصيون يعرفون العالم من خارج زاوية الإخوان المسلمين وفكرهم البائس.

ثمة حاجة إلى مقاربة مختلفة للأزمة السودانيّة بعيداً عن تصفية الحسابات مع هذا الطرف العربي أو ذاك، خصوصاً مع دولة الإمارات العربيّة المتحدة التي لم تقدّم للسودانيين سوى الخير. تشهد على ذلك أرقام متعلقة بالمساعدات التي سعت من خلالها إلى التخفيف من معاناة هؤلاء في كل المناطق السودانية.

بداية الخروج من الأزمة واضحة في السودان. لا أمل في أي من الجنرالين. هذا ما يفترض في دولة مثل الولايات المتحدة إدراكه. في النهاية، ليس أسوأ من «حميدتي» غير البرهان وليس أسوأ من البرهان غير «حميدتي»!

arabstoday

GMT 13:22 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

خصام بين لبنان والوضوح!

GMT 13:16 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن ربان لا عن بطل

GMT 13:15 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكريات حول المسألة الكورية

GMT 13:12 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تضبط الكاميرات نظافة شوارعنا ؟!

GMT 13:11 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

حواتمة.. السلط أقرب إلى القدس من دمشق

GMT 13:09 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تعيد أميركا تأهيل حركة حماس لحكم غزة ؟!

GMT 12:57 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد بن سلمان وترمب... جسور المستقبل

GMT 12:56 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

«غوغل» تحذّر من ذكائها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حلّ في السودان من دون خروج الجنرالين لا حلّ في السودان من دون خروج الجنرالين



منى زكي تتألق بإطلالات ساحرة على السجادة الحمراء

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:37 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى
 العرب اليوم - ألوان طلاء تجعل المساحات تبدو أعلى

GMT 14:50 2025 الأربعاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب يعلن تصنيف السعودية «حليفاً رئيسياً من خارج الناتو»
 العرب اليوم - ترمب يعلن تصنيف السعودية «حليفاً رئيسياً من خارج الناتو»

GMT 05:52 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يفتتح CAIRO'S XR ضمن مهرجان القاهرة السينمائي
 العرب اليوم - حسين فهمي يفتتح CAIRO'S XR ضمن مهرجان القاهرة السينمائي

GMT 12:00 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

فيضانات في غرب إيران بعد أشهر من الجفاف الحاد

GMT 18:06 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

بي بي سي تؤكد عدم وجود أساس قانوني لدعوى ترامب

GMT 07:00 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد اختيار وتنسيق النباتات الاصطناعية داخل المنزل

GMT 05:12 2025 الثلاثاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

صندوق النقد الدولي يطلق "برنامج تعاون مكثفا" مع سوريا

GMT 08:20 2025 السبت ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

طريقة بسيطة تساعد في التغلب على الحزن والاكتئاب

GMT 19:51 2025 الإثنين ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 100 فلسطيني داخل السجون الإسرائيلية خلال عامين

GMT 05:52 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف يُحيَى شارع الحمرا البيروتي؟
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab