«فيينا» وأقلمة السياسة الدولية

«فيينا»... وأقلمة السياسة الدولية

«فيينا»... وأقلمة السياسة الدولية

 العرب اليوم -

«فيينا» وأقلمة السياسة الدولية

بقلم- مصطفى فحص

تتعامل طهران مع مفاوضات فيينا كأنها مباحثات دولية ولكن بنتائج ثنائية بينها وبين واشنطن حصراً، بمنأى عن حسابات الدول الكبرى المشاركة في المفاوضات وبعيداً عن مصالح الدول الإقليمية المعنية مباشرة بنتائجها. فطهران؛ الساعية مجدداً إلى انتزاع اتفاق نووي جديد بروحية القديم ومضامينه السياسية التي شرعنت مناطق نفوذها وصواريخها، بغض طرْف أميركي كما جرى مع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، لم تستوعب بعد أن هناك متغيرات إقليمية ودولية مترابطة لا يمكنها تجاوزها.
أزمة طهران المركبة ما قبل «فيينا» وما بعدها وبنجاحها أو فشلها، أنها لم تدرك بعد أن المضمون السياسي الذي تطمح للحصول عليه من المستحيل تطبيقه، ولم تعد تملك القدرة على فرضه، وذلك مرتبط ليس فقط بتراجع قدرة الولايات المتحدة على تعويم أي اتفاق نووي تقنياً كان أو سياسياً معها؛ بل لأن واقع المنطقة عشية بدء المفاوضات تعرّض لمتغيرات كبيرة ووقائع جديدة ترفض طهران أن تتقبلها.
فمن «قمة العُلا» إلى «قمة الرياض» نجحت السعودية ومعها أشقاؤها الخليجيون في فرض شروط إقليمية على الاتفاقات الدولية التي تُعنى بهذه المنطقة، فما يمكن تسميتها «أقلمة السياسة الدولية» باتت مشروعاً استراتيجياً يقوم على مبدأ العمل الخليجي والعربي المشترك بهدف احتواء انعكاسات الاتفاقات الدولية على أمن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها.
لذلك كان واضحاً التركيز على الخصوصيات الإقليمية في مخرجات قمة «مجلس التعاون الخليجي» الأخيرة، والقمة السعودية - الفرنسية في الرياض، ففي المناسبتين حرصت الدول الخليجية؛ خصوصاً المملكة العربية السعودية، على ضرورة الأخذ في الحسبان المصالح الإقليمية والأمن الجماعي العربي والخليجي بعد سنوات من سوء التقدير الدولي لهذه المصالح.
فعلياً؛ إعادة الاعتبار للمصالح الإقليمية، بعيداً عن الحسابات الدولية غير الواقعية، جاءت بعد سنوات من خلل في التوازنات بدأ في 9 أبريل (نيسان) 2003 عندما قررت الولايات المتحدة إسقاط نظام صدام حسين في أول ضربة استراتيجية للموروث العثماني، ومع غياب تام للتفاهم مع دول جوار العراق العربية حول شكل النظام الجديد، أدى في نهاية المطاف إلى هيمنة إيرانية على العراق بقبول وتواطؤ أميركي.
سيناريو العراق عاد وتكرر في سوريا في 15 سبتمبر (أيلول) 2015 عندما قررت موسكو التدخل لصالح نظام الأسد وحليفته طهران ضد ثورة الشعب السوري بهدف حماية آخر الأنظمة الموروثة عن الحرب الباردة، ما أدى إلى الحفاظ على النفوذ الإيراني في سوريا بعدما كانت سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية قد تراجعت إلى ما دون 20 في المائة من مساحة سوريا.
الخطوة الدولية الأخطر على الاستقرار الإقليمي كانت عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2017 الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، من دون الأخذ في الحسبان أن هذا القرار سيؤثر على استقرار شركاء واشنطن التقليديين في المنطقة وستستغله طهران للتحريض ضد هذه الدول.
أما آخر الانتهاكات الدولية للواقع الإقليمي؛ فكان على يد فرنسا في لبنان، عندما قررت باريس التدخل في التوقيت الخطأ بعد انفجار 4 أغسطس (آب) 2020، ففي اللحظة التي فقدت فيها المنظومة الحاكمة شرعيتها ومشروعيتها وكانت قاب قوسين أو أدنى من مواجهة شعبية تسقطها، أدت مبادرة الرئيس الفرنسي إلى امتصاص نقمة اللبنانيين وساعدت المنظومة الحاكمة في إعادة تعويم نفسها، إلى أن انتهت المبادرة بتشكيل حكومة ظاهرها إرادة فرنسية ولكن مضمونها هيمنة إيرانية.
إذن... من مفاوضات فيينا إلى مباحثات بغداد، لن تكسب طهران دولياً ما لا يقره الإقليم، ولن يعطيها الإقليم أكثر مما تمنحه لها دوله، وعليه؛ فإن طهران في مواجهة مشروع يعترف بدورها جاراً دائماً، ويرفض نفوذها الجيوسياسي ويواجهه من بغداد إلى بيروت مروراً بصنعاء ودمشق، وبغض النظر عما سوف تجنيه في «فيينا» إذا نجحت وما قد تتعرض له إذا فشلت، فإن مشروعاً سياسياً تشكل في قمتي السعودية يفترض من طهران أن تفهم مضمونه الواضح وعنوانه... «أقلمة السياسة الدولية».

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«فيينا» وأقلمة السياسة الدولية «فيينا» وأقلمة السياسة الدولية



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab