بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
فى أجواء انتخابات مجلس النواب نعود بالذاكرة مائة عام إلى الوراء عندما وقع حدث فريد فى تاريخ البرلمانات. صحيح أن تاريخ الحياة النيابية المصرية، الذى يعود إلى ستينيات القرن التاسع عشر، يحفل بمفارقات وأحداث غريبة، يظل حل مجلس نواب منتخب بعد ثمانى ساعات فقط من انعقاده هو الأغرب. بدأت القصة عندما اضطر سعد زغلول إلى تقديم استقالة أول حكومة منتخبة بعد دستور 1923 نتيجة الضغوط البريطانية التى أعقبت اغتيال السردار لي ستاك فى 20 نوفمبر 1924. فقد كلف الملك أحمد زيوار بتأليف وزارة جديدة بدأت مهمتها بطلب حل البرلمان ذى الأغلبية الوفدية. وجاء فى خطاب زيوار إلى الملك فى 24 ديسمبر 1924 أن «الوزارة عندما تولت الحكم رأت أن إشراك البرلمان فى مهمتها لإعادة العلاقات العادية مع بريطانيا مستحيل لأنه خاضع لِما كانت الوزارة السابقة تمثله». وبالفعل صدر مرسوم ملكى بحل مجلس النواب والدعوة لانتخابات جديدة فى 24 فبراير 1925. ودعم الملك فؤاد الأحزاب المعارضة لحزب الوفد أملاً فى أن تحصل على أغلبية فى هذه الانتخابات. ولكن جهده ذهب هباء، وحافظ الوفد على أغلبيته فى مجلس النواب. وظهر هذا واضحًا فى نتيجة انتخابات رئيس المجلس الجديد، إذ نال سعد زغلول 123 صوتًا مقابل 85 صوتًا فقط لمنافسه عبد الخالق ثروت. وكانت تلك النتيجة صدمة قوية للملك فؤاد والأحزاب المعارضة لحزب الوفد، والتى كانت تسمى أحزاب الأقلية، وكذلك للإنجليز الذين سعوا إلى استغلال حادث اغتيال السردار لي ستاك لاستعادة هيمنتهم على مصر، بعد أن تراجعت نسبيًا عقب تصريح 28 فبراير وإصدار دستور 1923 وإجراء أول انتخابات حرة تمامًا فاز فيها حزب الوفد بأغلبية كبيرة سعى من خلالها إلى وضع حد لتلك الهيمنة. ولذا لم تمض ثمانى ساعات ونصف حتى صدر مرسوم ملكى يقضى بحل المجلس المنتخب فى يوم انعقاده، والدعوة لإجراء انتخابات جديدة فى 23 مايو 1925.
ودخل هذا المجلس التاريخ باعتباره الأقصر فى تاريخ المجالس النيابية فى مصر على الأقل.