بقلم: د.أسامة الغزالي حرب
اللواء أشرف الجندى، هو- عزيزى القارئ- محافظ الغربية. إننى لا أعرفه شخصيا، ولكنى أكتب هذه الكلمات اليوم، بعد أن قرأت فى أحد المواقع الإخبارية، أنه قام يوم الأحد الماضى بجولة ميدانية مفاجئة فى ميادين وشوارع حى أول وثانى طنطا... «سيرا على الأقدام»، استمرت أربع ساعات متواصلة، واطمأن على انتظام أعمال النظافة. لقد تكررت كلمة النظافة فى الخبر مرات عديدة، بما يوحى أنها كانت جوهر جولته المفاجئة! وذلك هو ما يدفعنى هنا لأن أحيى اللواء الجندى، وأتمنى أن تظل قضية النظافة بالفعل على رأس اهتماماته! فالنظافة أولا علامة أساسية لدرجة تحضرالمجتمع، ولذلك فهى إحدى الملامح الأساسية لمئات من المدن الكبرى مثل لندن أوباريس أو موسكو أو واشنطن أو بكين أو فيينا، ومقياس واضح لتميزها. والنظافة ثانيا هى أحد مقاييس انتماء المواطن لبلده، فيحرص على نظافتها، تماما مثلما يحرص على نظافة مسكنه الخاص. ولا أنسى هنا أبدا أول زيارة لى لباريس فى العشرينيات من عمرى، عندما كنت أتمشى للمرة الأولى فى الشانزليزيه، وألقيت بشكل عفوى، غلاف بونبونة صغيرة، فى الشارع، ففوجئت بأحد السائرين بالقرب منى وقد عاجلنى بوخزة حادة باصبعه السبابة فى ظهرى، مشيرا لى بغضب لأن أرفع تلك الوريقة لألقيها فى أقرب سلة للمهملات! لم يكن الرجل موظفا فى بلدية باريس طبعا، ولكنه كان مواطنا عاديا حريصا على نظافة مدينته! غير أن الرسالة الأهم التى أحب أن أؤكد عليها هنا، أن «النظافة» ليست أبدا قضية «تجميل» أو ابراز ما اعتدنا على تسميته «الوجه الحضارى»! لا أيها السادة، إنها شرط أساسى وأولى لإحراز أى «تقدم» حقيقى، لتوفير بيئة ملائمة للعمل والإنتاج. وهنا أذكر بما ذكرته مرارا من قبل، وهو أن نهضة الصين الهائلة التى نشهدها اليوم، إنما بدأت بدعوة «ماوتسى تونج» مؤسس الصين الحديثة، فى المراحل الأولى لنهضتها للقضاء على الأعداء الأربعة.. وهم الفئران، والذباب والبعوض وعصافير الحقول (التى تتغذى على محصول القمح)!.