بقلم:عمرو الشوبكي
الدور الأمريكى حاسم فى مسار الصراع العربى الإسرائيلى وهو الداعم الأول والأكبر لإسرائيل ووصفها الرئيس السادات بأن فى يدها 99٪ من أوراق القضية، وبصرف النظر عن صحة هذه النسبة إلا أن دورها الرئيسى مؤكد ولا يقبل الشك.
ومع ذلك فأن التأثير فى هذا الدور أمر وارد وأن التحركات العربية الأخيرة جعلت الرئيس ترامب الذى كان من السباقين فى طرح مشروع تهجير الفلسطينيين من غزة يتراجع عنه كما أن إدارته سبق واستخدمت حق الفيتو لمنع صدور أى قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، حتى لو لأسباب إنسانية، عادت وفرضت وقف إطلاق النار ووضعت خطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب.
لم يؤمن ترامب بحقوق الشعب الفلسطينى قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة وبعدها، ودعا إلى اجتثاث حماس والقضاء عليها بسرعة.. وبعد عامين، اكتشف أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا بقتل نصف الشعب الفلسطينى وهو أمر بدا مستحيلا على العالم كله أن يقبله.
ورغم أن مواقف ترامب وسياساته تقول إنه آخر زعيم يمكن أن يحرص على إيقاف حرب غزة، فهو رجل يعرف عنه الاهتمام باللقطة والشكل والنرجسية الشديدة ومع ذلك نجح فى صناعة مضمون حقيقى وفرض خطة متكاملة لوقف الحرب.
تحولات ترامب لافتة، فالرجل ظل قبل مؤتمر شرم الشيخ يقول كلاما عاما وشعارات فضفاضة، فبعد أن كال الاتهامات لحماس وتجاهل المجازر التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة وحين أشار إلى الضحايا المدنيين بدا الأمر وكأنهم «ماتوا عادى» أو نتيجة كارثة طبيعية لأن الطرف الذى قتلهم؛ أى إسرائيل، لم يشر ترامب لمسؤوليتها مطلقا، ومع ذلك ضغط عليها لتنفيذ التزاماتها فى الاتفاق واحترام وقف إطلاق النار حتى اصبح المشهد الحالى مصنع أمريكيا ووفق رؤية ترامب.
إن خطة ترامب من أجل وقف الحرب فى غزة جاءت من شخص لم يحب غزة ولم يتعاطف مع القضية الفلسطينية، ولكن نرجسيته ورغبته الجامحة فى الحصول على جائزة نوبل ليصبح بطلا عالميا للسلام جعلته يتمسك بهذه الخطة وطالب حماس بكثير من الالتزامات وإسرائيل ببعضها.
نجحت الخطوة أو المرحلة الأولى من خطة ترامب وأنهت الحرب وبقيت مرحلتها الثانية الأكثر صعوبة والتى ستواجه تحديات كثيرة على الأرجح ستتجاوزها، إلا أن مفارقة هذه الخطة أنها عكست تحولات حقيقية فى موقف ترامب أيا كان دوافعها.
إن الرئيس الأمريكى الذى سبق وطالب إسرائيل بإنهاء مهمتها وعملها (Job) فى غزة وطالب أكثر من مرة وبصيغ مختلفة بتهجير الفلسطينيين وتحدث مع زعماء إندونيسيا ودول أخرى لكى يقبلوا بمجىء الفلسطينيين، ثم عاد وتكلم عن الهجرة الطوعية وجهز المال والعتاد لتنفيذ هذه المهمة حتى تراجع عنهما.
فشل مشروع ترامب بسبب الصمود والرفض الفلسطينى والعربى والدولى فغير توجهاته بكل سلاسة وعملية.