عبد الناصر والواقعية

عبد الناصر والواقعية

عبد الناصر والواقعية

 العرب اليوم -

عبد الناصر والواقعية

بقلم:عمرو الشوبكي

بعض أنصار عبد الناصر ينظرون للرجل مثل خصومه، على أنه عدو للواقعية السياسية يتعامل بالمشاعر والشعارات الحالمة، والحقيقة أنه على عكس ذلك لأن الواقعية السياسية ليست مدانة فى ذاتها، إنما هى مؤشر رئيسى على نجاح أى تجربة سياسية.

وبعيدًا عن توصيف الحوار الذى دار بين عبد الناصر والقذافى، وسواء اعتبر وثائق نُشرت أو تسريبات خرجت، فإن حديث الأول حول من يريدون الحرب حتى آخر جندى مصرى ويتهمونه بالانهزامية والتخلى عن الكفاح المسلح لصالح التسوية السلمية، فإن الحقيقة تقول إن هذا الحديث يعبر عن عبد الناصر الواقعى الذى تبنى خطابًا سياسيًا تحرريًا اصطدم بحكم طبيعته بالقوى الاستعمارية وإسرائيل، ولكنه فى نفس الوقت كان رجلًا واقعيًا غيّر من تكتيكاته وأساليبه بعد هزيمة ٦٧.

موقف عبد الناصر المبدئى كان هو نفس موقف حركات التحرر الوطنى العربية والفلسطينية، وهو بناء دولة علمانية فى فلسطين يعيش فيها المسلمون واليهود والمسيحيون، صحيح أن مشروع الدولة الواحدة تخلّى عنه عبد الناصر الواقعى عقب قبوله مبادرة روجرز فى ١٩٦٨ وبدأ الحديث عن حل الدولتين وانسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها عقب ٦٧، وهو التوجه الذى عادت منظمة التحرير الفلسطينية وقبلته عقب التوقيع على اتفاق أوسلو فى ١٩٩٣.

لقد كان من الواجب على عبد الناصر أن يغيّر من أدواته وأساليبه عقب هزيمة ٦٧، وكان من المنطقى أن يطرح أولًا استعادة الأراضى المحتلة ودعم حل الدولتين دون أن يتخلى عن هدفه الغائى بتفكيك الدولة اليهودية فى فلسطين وبناء أخرى مدنية دستورية تساوى بين مواطنيها بصرف النظر عن ديانتهم.

واللافتُ أن عبد الناصر لم يقل طوال تاريخه إنه ينوى إلقاء إسرائيل فى البحر، كما روجت دعاية «خائبة» ضده، إنما تمسّك بهدف الدولة الواحدة ثم تراجع عنه لصالح أدوات واقعية جديدة.

إنّ مشروع الدولة الواحدة لم يكن فى الماضى والحاضر مشروع «مراهقة ثورية» أو خطاب «حنجورى» أو عنصرى، إنما هو مشروع مدنى يدعو لتفكيك الأساس الصهيونى للدولة العبرية لا إلقاء اليهود فى البحر، وهو المشروع الذى لوّح به البعض حاليًا بعد أن أجهضت إسرائيل حل الدولتين.

إنّ تصوير عبد الناصر على أنه قبل حديثه مع القذافى كان زعيمًا متهورًا يتبنى شعارات جوفاء، وأنه بعد الهزيمة أصبح رجلًا واقعيًا يؤمن بالسلام والتسوية السلمية، فيه إجحاف كبير بالرجل، فهو أحد قادة التحرر الوطنى الكبار عربيًا وعالميًا، أخطأ فى جوانب وأصاب فى أخرى، وأن رفضه أن يورط حملة الشعارات مصر فى حرب يتفرجون عليها، لا يعنى أنه تخلى عن حقوق الشعب الفلسطينى، وأن واقعيته كانت مطلوبة لأنها لم تأتِ على حساب موقفه المبدئى الداعم لحقوق الشعب الفلسطينى، إنما عزّزت من حضوره الدولى والإقليمى وأبقته أحد فواعله الرئيسيين.

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الناصر والواقعية عبد الناصر والواقعية



ثنائيات المشاهير يتألقون ودانييلا رحمة وناصيف زيتون يخطفان الأنظار في أول ظهور عقب الزواج

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:36 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تستيف المشهد الانتخابي

GMT 15:35 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

الرسالة الأصلية

GMT 16:19 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

بسمة بوسيل تكشف سراً جديداً عن روتينها اليومي

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

نانسي عجرم تدمج اللمسة المغربية في أحدث أعمالها

GMT 15:49 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

الجيش الإسرائيلي يشن 120 غارة على غزة

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab