بقلم : عمرو الشوبكي
بعد أن طوى الرئيس ترامب فى ولايته الحالية مبادرته الخاصة بكوريا الشمالية التى سبق أن أعلنها أثناء ولايته الأولى بأنه سيجعلها تتخلى عن سلاحها النووى وقام بلقاء سينمائى مع زعيمها لم يسفر عن شىء، عاد الرجل فى ولايته الجديدة وطرح «مرة واحدة» ثلاث مبادرات لم تسفر بعد عن أى نجاح.
ولعل البداية كانت مع إعلانه أنه سيوقف الحرب الروسية الأوكرانية وسيجلب السلام بين البلدين، وأسهب فى الحديث عن ضعف سلفه الرئيس بايدن، وكيف أنه لو كان رئيسًا فى ذلك الوقت لأنهى هذه الحرب من بدايتها بل منع قيامها، واكتشفنا أنه بعد 100 يوم من الشعارات البراقة وقَّع على اتفاق للمعادن مع أوكرانيا ليسترد به جانبًا من المساعدات التى قدمتها أمريكا لأوكرانيا أما مفاوضات السلام بين البلدين فلا تزال متعثرة لأن الرجل راهن على شعار وقف الحرب دون أن يدخل فى التعقيدات التى تكتنف العلاقة بين البلدين لصالح اللقطة والشعار البراق.
أما مبادرته الثانية فتتعلق بغزة حيث طالب بتهجير مليون ونصف مليون فلسطينى من أرضهم، وتحويل القطاع إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» وكأنه مشروع استثمار عقارى مشكلته أنه مهدم والمطلوب جذب استثمارات لإعادة بنائه من جديد وتحويله إلى ما يشبه المنتجع السياحى بعد تفريغه من أغلب سكانه، وتصبح دوافع الرئيس الأمريكى دوافع رجل أعمال لا يعرف إلا الصفقات التجارية وأكد ما قاله صهره تاجر العقارات إن المناطق المطلة على البحر يمكن أن تساوى مليارات الدولارات لو أحسن الاستثمار العقارى فيها، وهى جمل فريدة وغير مسبوقة من داعمى إسرائيل الذين روجوا لسردية غير سياسية إنما إلى صفقة تجارية يقودها رئيس غير مُلِمٍّ بالتاريخ وبمعانى الاستقلال وقيم التحرر الوطنى المغروسة فى نفوس الفلسطينيين.
وظلت مبادرة ترامب بخصوص التهجير «محلك سر» رغم الضغوط التى مارسها على مصر والأردن لقبولها وتلويحه بورقة المساعدات الأمريكية لمصر وصعوبة أوضاعها الاقتصادية.
أما المبادرة الثالثة فهى التى أعلنها نهاية الأسبوع الماضى والتى طرحها بشكل «درامى» حين قال إن الحوثيين قد استسلموا وثبت أنه غير صحيح، وهو تصريح «للشو» وإعلان نصر غير حقيقى، لأن الواقع يقول إن الحوثيين لم يعلنوا الاستسلام وقالوا إنهم لن يستهدفوا حرية الملاحة فى البحر الأحمر فى مقابل إنهاء الولايات المتحدة غاراتها الجوية، وتمسكوا باستهداف إسرائيل التى عبرت عن استيائها من قرار ترامب وقف العمليات القتالية ضد الحوثى، واستمرت هى فى هجماتها على اليمن.
مدرسة «الشعار الترامبى» البراق مغرية للبعض من محدودى التعليم ولذا ف‘ن هناك من ينخدع بها لبعض الوقت، ولكنه سرعان ما يتضح حجم ضحالتها وتأثيراتها الكارثية فى الاقتصاد والسياسة، ولذا لن نندهش إذا بقيت مبادرات ترامب حائرة ومتعثرة لأنها اعتمدت على الشعارات وليس تعقيدات الواقع.